ولنا ما روى أبو قلابة عن أنس قال من السنة إذا تزوج البكر على الثيب أقام عندها سبعا وإذا تزوج الثيب أقام عندها ثلاثا ثم قسم قال أبو قلابة لو شئت لقلت إن أنسا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم متفق عليه وعن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوج أم سلمة أقام عندها ثلاثا وقال ليس بك على أهلك هوان إن شئت سبعت لك
وإن سبعت لك سبعت لنسائي رواه مسلم
وفي لفظ وإن شئت ثلثت ثم درت وفي لفظ وإن شئت زرتك ثم حاسبتك به للبكر سبع وللثيب ثلاث وفي لفظ رواه الدارقطني إن شئت أقمت عندك ثلاثا خالصة لك وإن شئت سبعت لك ثم سبعت لنسائي وهذا يمنع قياسهم ويقدم عليه قال ابن عبد البر الأحاديث المرفوعة في هذا الباب على ما قلناه وليس مع من خالفنا حديث مرفوع والحجة مع من أدلى بالسنة.
والخلاصة: أنك إن سبعت لزوجك الجديدة فعليك أن تسبع لكل امرأة من نسائك فلا تأتي الجديدة إلا بعد إعطاء النساء الباقيات مثل ما أعطيت الزوجة الجديدة هذا بالنسبة للثيب، وإن قعدت عندها ثلاثا فلا يلزوم القسم للبقية بل يدور على التي وقف الدور عليها، كذا الحال بالنسبة للبكر إن أعطاها فوق سبع أعطى البقية مثلها، ولا يجوز له أن ينقص عن سبع لأنه حق لها.
5 / وجوب الحلم والحكمة أثناء التعامل مع الزوجات.
إن العبد الناجح هو الذي يسعى جاهدا أن تسير حياته على ضوء السنة النبوية، فكل تصرفاته يستقيها من تلك المشكاة، حتى في تربية نفسه و أولاده بل في جميع شئون حياته، ولقد وسعة السيرة النبوية كل ذلك بأسهل علاج وأوضح صورة وما بقي على العبد إلا أن يطبق وينقاد لذلك ولهذا أنزل الله في كتابه آية عظيمة لتكون للمسلم بمثابة القاعدة التي لا تتغير ولا تتبدل (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً)
أخرج البخاري في صحيحه من حديث أنس قال كان النبي صلى الله عليه وسلم عند بعض نسائه فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة فيها طعام فضربت التي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتها يد الخادم فسقطت الصحفة فانفلقت فجمع النبي صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول غارت أمكم ثم حبس الخادم حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كسرت صحفتها وأمسك المكسورة في بيت التي كسرت.
هكذا تم علاج الخطأ بلا غضب ولا تهور، فليت شعري لو كنت في هذا الموقف ما أنت فاعل.
وانظر لهذه القصة النبوية: مسند أبي يعلى ج8/ص129
عن عائشة أنها قالت وكان متاعي فيه خف وكان على جمل ناج وكان متاع صفية فيه ثقل وكان على جمل ثقال بطيء يتبطأ بالركب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حولوا متاع عائشة على جمل صفية وحولوا متاع صفية على جمل عائشة حتى يمضي الركب قالت عائشة فلما رأيت ذلك قلت يا لعباد الله غلبتنا هذه اليهودية على رسول الله قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم عبد الله إن متاعك كان فيه خف وكان متاع صفية فيه ثقل فأبطأ بالركب فحولنا متاعها على بعيرك وحولنا متاعك على بعيرها قالت فقلت ألست تزعم أنك رسول الله قالت فتبسم قال أو في شك أنت يا أم عبد الله قالت قلت ألست تزعم أنك رسول الله أفهلا عدلت وسمعني أبو بكر وكان فيه غرب أي حدة فأقبل علي فلطم وجهي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلا يا أبا بكر فقال يا رسول الله أما سمعت ما قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الغيرى لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه.أهـ
وقال ابن حجر في فتح الباري (9/ 325):
وقد أخرج أبو يعلى بسند لا بأس به عن عائشة مرفوعا أن الغيراء لا تبصر أسفل الوادي من أعلاه قاله في قصة وعن بن مسعود رفعه أن الله كتب الغيرة على النساء فمن صبر منهن كان لها أجر شهيد أخرجه البزار وأشار إلى صحته ورجاله ثقات لكن اختلف في عبيد بن الصباح منهم.أهـ
فهذا كله يقتضي من العبد أن يصبر على هذه الأمور التي لا بد من وقوعها لمن عدد النساء، إلا ما رحم ربي ولهذا من لم يعرف من نفسه العدل أو الصبر لهذه المسائل فعليه أن لا يقدم على الزواج من ثانية، وذلك امتثالا لقوله تعالى (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ).
¥