ـ[ابن وهب]ــــــــ[25 - 12 - 04, 07:30 ص]ـ
(النص في فتاوى الزرقا (ص 393) في الهامش
قال الشيخ القرضاوي
(كنت مع شيخنا العلامة الزرقا في ندوة التشريع الإسلامي بمدينة البيضاء في ليبيا واستعمت معه إلى العلامة أبي زهرة في رأيه في الرجم الذي كتمه عشرين سنة ثم باح به وردود المشاركين في الندوة عليه وقد ناقشت شيخنا أبازهرة هناك وذكرت له توجيه الحكم على أنه تعزير كما يقوله الحنفية في عقوبة التغريب
ولكن أبازهرة رفض ذلك وقال:إن هذه عقوبة يهودية في الأصل وقد نسخت بدين الرحمة
وذكرت هذا التوجيه لشيخنا الزرقا واستحسنه وقال لي بأنه جدير بالنظر ويبدو أنه حفظه الله نسي هذه المحادثة بيننا
والمهم أني والشيخ متقفان تماما في هذه الوجهة فالرجم مع الجلد كالتغريب مع الجلد
وإن لم يقل بذلك أحد من الفقهاء ولكنه في رأيي اجتهاد وجيه وقد كنت كتبت في هذا شيئا
ولكني لم أجرؤ على نشره كما أن شيخنا أبا زهرة لم يكتب رأيه هذا فيما أعلم
واكتفى بنسبته الى الخوارج في كتابه (العقوبة)
) انتهى
ـ[ابن وهب]ــــــــ[25 - 12 - 04, 08:04 ص]ـ
قال الشيخ الزرقا
(ولكني أرى مجالا كبيرا لاحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالرجم في تلك الحوادث الثابتة على سبيل التعزير لاعلى سبيل الحد اذ رأى أن زنى المحصن المستغني بزوجة شرعية يحتاج في ذلك العهد إلى زاجر أقوى من زاجر البكر ليقضي على سفاح الجاهلية المشهور
وتتأصل الرهبة من هذه الجريمة الشنعاء في نفوس المسلمين
وهذا أمر يعود تقديره شرعا إلى ولي الأمر كما في سائر الحالات التي تستوجب الزجر بالتعزير المفوض إلى ولي الأمر
وعندئذ يمكن أن يقال في أمر الرجم ما يقال في كل تعزير من أنه مفوض الى ولي الأمر بحسب ما يرى من المصلحة فإن شاء طبقه وإن شاء اكتفى بالجلد الذي هو وحده الحد وإن شاء جمعهما حدا وتعزيرا وإن شاء حد المحصن حدا وزاد عليه زاجرا آخر غير الرجم تعزيرا لأن زناه أشد وأفظع من زنى البكر
كل ذلك بحسب ما يرى من وجه المصلحة
والحاجة الزمنية والشخصية وفقا لقاعدة النعزيرات نظير مانرى في قوانين العقوبات اليوم من تخيير القاضي بين حدين أدنى وأعلى من عقوبتي التغريم والحبس كلتيهما أو إحداهما وهو مما تقبله قاعدة التعزير الشرعي في الإسلام
وهذا الرأي (أعني حمل ما ورد من السنة في الرجم على قاعدة التعزير) - وإن كان لم يره أحد من الأئمة الأربعة -تشهد له بعض الدلائل في الحديث النبوي نفسه الذي قرر حكم الرجم ذلك أنه بعد أن
قرر القرآن في سورة النساء العقوبة المبدئية للزنى بقوله تعالى
(شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (15) (النساء:15)
نزلت عقوبة الجلد في سورة النور للشريكين المتزانيين فأعلنها رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لأصحابه بقوله
(خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مئة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مئة والرجم بالحجارة)
ففي هذا الحديث النبوي الذي هو النص الأصلي في تشريع الرجم نجد أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قد أضاف على الجلد الذي ورد في القرآن تغريب عام للبكر وأضاف الرجم للثيب وبهذا أخذ فريق من الأئمة فقالوا إن الحد في كل منها يتكون من العقوبيتين معا التغريب مع الجلد في البكر وكذا الرجم مع الجلد في الثيب
لكن الحنفية ذهبوا إلى أن التغريب في البكر ليس جزءا من الحد بل هو تعزير مفوض تطبيقه وعدمه إلى رأي الحاكم ولي الأمر
وذلك بدليل من السنة نفسها فالتغريب المقرون بالجلد في البكر والمعطوف عليه عطفا يشركه في الحكم إذا صح أن يعتبر تعزيرا كمذهب الحنفية ويكون الحد هو الجلد فقط
كان هناك احتمال كبير لأن يكون الرجم كذلك وقد ورد في نص واحد وتعبير متماثل وأن يكون ما أريد من قصد التعزير بالتعبير الأول الذي أضاف التغريب مرادا أيضا في التعبير الثاني الذي أضاف الرجم في نص واحد
وأتذكر أن حمل الرجم الوارد في السنة على التعزير المفوض رأي الإمام هو رأي الأستاذ العلامة الشيخ محمود شلتوت شيخ الأزهر رحمه الله تعالى
كنت قد سمعته منه أو قرأته له على أنه رأيه أو هو احتمال يراه ولاأستطيع الجزم
وعلى تقدير أن هذا الاحتمال في نصوص الأحاديث النبوية التي جاءت بالرجم مرفوض لاتحتمله تلك النصوص فإن هناك ملاحظة جديرة بالاعتبار تقتضي تأخير وضع الرجم الآن في تقنيات عصرية يراد توفيقها مع أسس الشريعة في دولة تتجه الى اعلان تطبيق احكام الشريعة الاسلامية عمليا في قضائها ..............
ذلك أن توقيت هذا التطبيق في هذا الوقت غير مناسب لأنه سيفتح الباب على مصراعيه لخصوم الشريعة ليهاجموا هذه الخطوة الميمونة في ..........
متذرعين أمام الملاحدة والجاهلين والضالين في العلم الخارجي والداخلي بقضية الرجم وأنه لايتفق مع المفاهيم العالمية للعقوبة في قسوته ومحاولين أن ينفذوا بهذا التنفير من هذا الخطوة المباركة كلها في .........
ولاننسى أن الشريعة الإسلامية الغراء قد سلك الله تعالى ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيها خطة التدرج في اعلان احكامها ونح اليوم -في جاهلية عصر العلم وغروره وما انتشر فيه من الحاد وكيد للاسلام وشريعته في محيط أنسفهم بله المحيطات الأجنبية -
وقد نكون أحوج في تطبيق الشريعة الى هذه الحكمة في التدرج حين نتمكن من تطبيقها في بعض الأحوال خشية النكسة وفتح الثغرات للخصوم في الهجوم والتشويه
فقد يكون من الخير أن يقتصر الآن على تطبيق حد الجلد فقط في جميع أحوال الزنى بانتظار الوقت المناسب لإعلان الرجم تعزيرا أو حدا بعد أن تأتلف النفوس أحكام الشريعة وترى مزاياها
ولابد لي هنا من التذكير بما ورد عن عائشة رضي الله عنها
(إنما نزل أول مانزل من القرآن سورة من المفضل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لاتشربوا الخمر لقالوا لاندع الخمر أبدا ولو نزل لاتزنوا لقالوا لاندع الزنى أبدا)
انتهى
¥