تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

* الشّرط الثّاني: أن تكون النّيّة مقارنةً للذّبح أو مقارنةً للتّعيين السّابق على الذّبح، سواءٌ أكان هذا التّعيين بشراء الشّاة أم بإفرازها ممّا يملكه، وسواءٌ أكان ذلك للتّطوّع أم لنذرٍ في الذّمّة، ومثله الجعل كأن يقول: جعلت هذه الشّاة أضحيّةً، فالنّيّة في هذا كلّه تكفي عن النّيّة عند الذّبح، وأمّا المنذورة المعيّنة فلا تحتاج لنيّةٍ كما سبق. هذا عند الشّافعيّة. أمّا الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة فتكفي عندهم النّيّة السّابقة عند الشّراء أو التّعيين.

* الشّرط الثّالث: ألاّ يشارك المضحّي فيما يحتمل الشّركة من لا يريد القربة رأساً، فإن شارك لم يصحّ عن الأضحيّة. وإيضاح هذا، أنّ البدنة والبقرة كلٌّ منهما يجزئ عن سبعةٍ عند الجمهور كما مرّ. فإذا اشترك فيها سبعةٌ، فلا بدّ أن يكون كلّ واحدٍ منهم مريداً للقربة، وإن اختلف نوعها. فلو اشترى سبعةٌ أو أقلّ بدنةً، أو اشتراها واحدٌ بنيّة التّشريك فيها، ثمّ شرك فيها ستّةً أو أقلّ، وأراد واحدٌ منهم التّضحية، وآخر هدي المتعة، وثالثٌ هدي القران، ورابعٌ كفّارة الحلف، وخامسٌ كفّارة الدّم عن ترك الميقات، وسادسٌ هدي التّطوّع، وسابعٌ العقيقة عن ولده أجزأتهم البدنة. بخلاف ما لو كان أحدهم يريد سبعها ليأكله، أو ليطعم أهله، أو ليبيعه، فلا تجزئ عن الآخرين الّذين أرادوا القربة. هذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمّدٍ. وذلك، لأنّ القربة الّتي في الأضحيّة، وفي هذه الأنواع كلّها إنّما هي في إراقة الدّم، وإراقة الدّم في البدنة الواحدة لا تتجزّأ، لأنّها ذبحٌ واحدٌ، فإن لم تكن هذه الإراقة قربةً من واحدٍ أو أكثر لم تكن قربةً من الباقين، بخلاف ما لو كانت هذه الإراقة قربةً من الجميع، وإن اختلفت جهتها، أو كان بعضها واجباً وبعضها تطوّعاً. وقال زفر: لا يجزئ الذّبح عن الأضحيّة أو غيرها من القرب عند الاشتراك، إلاّ إذا كان المشتركون متّفقين في جهة القربة، كأن يشترك سبعةٌ كلّهم يريد الأضحيّة، أو سبعةٌ كلّهم يريد جزاء الصّيد، فإن اختلفوا في الجهة لم يصحّ الذّبح عن واحدٍ منهم، لأنّ القياس يأبى الاشتراك، إذ الذّبح فعل واحدٍ لا يتجزّأ، فلا يتصوّر أن يقع بعضه عن جهةٍ، وبعضه عن جهةٍ أخرى، لكن عند اتّحاد الجهة يمكن أن تجعل كقربةٍ واحدةٍ، ولا يمكن ذلك عند الاختلاف، فبقي الأمر فيه مردوداً إلى القياس. وروي عن أبي حنيفة أنّه كره الاشتراك عند اختلاف الجهة، وقال: لو كان هذا من نوعٍ واحدٍ لكان أحبّ إليّ، وهكذا قال أبو يوسف.

** ولو اشترى رجلٌ بقرةً يريد أن يضحّي بها، ثمّ أشرك فيها بعد ذلك غيره، فإن كان فقيراً حين اشتراها فقد أوجبها على نفسه كما سبق، فلا يجوز أن يشرك فيها غيره. وإن كان غنيّاً مقيماً، وقد اشتراها قبل وقت الوجوب، أو غنيّاً مسافراً فكذلك. وإن كان غنيّاً مقيماً، واشتراها بعد وقت الوجوب فإنّ شراءها لا يوجبها كما تقدّم، فيجوز له أن يشرك فيها معه ستّةً أو أقلّ يريدون القربة، لكنّ ذلك مكروهٌ لأنّه لمّا اشتراها بنيّة التّضحية كان ذلك منه وعداً أن يضحّي بها كلّها عن نفسه، وإخلاف الوعد مكروهٌ، وينبغي في هذه الحالة أن يتصدّق بالثّمن الّذي أخذه ممّن أشركهم معه، لما روي «أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم دفع إلى حكيم بن حزامٍ رضي الله عنه ديناراً، وأمره أن يشتري له أضحيّةً، فاشترى شاةً وباعها بدينارين، واشترى بأحدهما شاةً وجاء النّبيّ عليه الصلاة والسلام بشاةٍ ودينارٍ، وأخبره بما صنع، فأمره عليه الصلاة والسلام أن يضحّي بالشّاة، ويتصدّق بالدّينار» هذا كلّه مذهب الحنفيّة. وخالفهم الشّافعيّة والحنابلة فأجازوا أن يشترك مريد التّضحية أو غيرها من القربات مع مريد اللّحم، حتّى لو كان لمريد التّضحية سبع البدنة، ولمريد الهدي سبعها، ولمريد العقيقة سبعها، ولمريد اللّحم باقيها، فذبحت بهذه النّيّات جاز، لأنّ الفعل إنّما يصير قربةً من كلّ واحدٍ بنيّته لا بنيّة شريكه، فعدم النّيّة من أحدهم لا يقدح في قربة الباقين. وقال المالكيّة: لا يجوز الاشتراك في الثّمن أو اللّحم، فإن اشترك جماعةٌ في الثّمن، بأن دفع كلّ واحدٍ منهم جزءاً منه، أو اشتركوا في اللّحم، بأن كانت الشّاة أو البدنة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير