تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مشتركةً بينهم لم تجزئ عن واحدٍ منهم، بخلاف إشراكهم في الثّواب ممّن ضحّى بها قبل الذّبح كما مرّ.

وقت التّضحية مبدأٌ ونهايةٌ مبدأ الوقت:

* قال الحنفيّة: يدخل وقت التّضحية عند طلوع فجر يوم النّحر، وهو يوم العيد، وهذا الوقت لا يختلف في ذاته بالنّسبة لمن يضحّي في المصر أو غيره. لكنّهم اشترطوا في صحّتها لمن يضحّي في المصر أن يكون الذّبح بعد صلاة العيد، ولو قبل الخطبة، إلاّ أنّ الأفضل تأخيره إلى ما بعد الخطبة، وإذا صلّيت صلاة العيد في مواضع من المصر كفى في صحّة التّضحية الفراغ من الصّلاة في أحد المواضع. وإذا عطّلت صلاة العيد ينتظر حتّى يمضي وقت الصّلاة بأن تزول الشّمس، ثمّ يذبح بعد ذلك. وأمّا من يضحّي في غير المصر فإنّه لا تشترط له هذه الشّريطة، بل يجوز أن يذبح بعد طلوع فجر يوم النّحر، لأنّ أهل غير المصر ليس عليهم صلاة العيد. وإذا كان من عليه الأضحيّة مقيماً في المصر، ووكّل من يضحّي عنه في غيره أو بالعكس، فالعبرة بمكان الذّبح لا بمكان الموكّل المضحّي، لأنّ الذّبح هو القربة. وقال المالكيّة، وهو أحد أقوال الحنابلة: إنّ أوّل وقت التّضحية بالنّسبة لغير الإمام هو وقت الفراغ من ذبح أضحيّة الإمام بعد الصّلاة والخطبتين في اليوم الأوّل، وبالنّسبة للإمام هو وقت الفراغ من صلاته وخطبته، فلو ذبح الإمام قبل الفراغ من خطبتيه لم يجزئه، ولو ذبح النّاس قبل الفراغ من ذبح أضحيّة الإمام لم يجزئهم، إلاّ إذا بدءوا بعد بدئه، وانتهوا بعد انتهائه أو معه. وإذا لم يذبح الإمام أو توانى في الذّبح بعد فراغ خطبتيه بلا عذرٍ أو بعذرٍ تحرّى النّاس القدر الّذي يمكن فيه الذّبح، ثمّ ذبحوا أضاحيّهم، فتجزئهم وإن سبقوه لكن عند التّواني بعذرٍ، كقتال عدوٍّ أو إغماءٍ أو جنونٍ يندب انتظاره حتّى يفرغ من تضحيته، إلاّ إذا قرب زوال الشّمس فينبغي للنّاس حينئذٍ أن يضحّوا ولو قبل الإمام. ثمّ إن لم يكن في البلد إلاّ نائب الإمام الحاكم أو إمام الصّلاة فالمعتبر نائب الإمام، وإن كان فيها هذا وذاك، وأخرج نائب الإمام أضحيّته إلى المصلّى فهو المعتبر، وإلاّ فالمعتبر إمام الصّلاة، فإن لم يكن هذا ولا ذاك تحرّوا تضحية إمام أقرب البلاد إليهم إن كان واحداً، فإن تعدّد تحرّوا تضحية أقرب الأئمّة لبلدهم. وقال الشّافعيّة، وهو أحد أقوالٍ للحنابلة: يدخل وقت التّضحية بعد طلوع الشّمس يوم عيد النّحر بمقدار ما يسع ركعتين خفيفتين وخطبتين خفيفتين، والمراد بالخفّة الاقتصار على ما يجزئ في الصّلاة والخطبتين. قالوا: وإنّما لم تتوقّف صحّة التّضحية على الفراغ من صلاة الإمام وخطبتيه بالفعل لأنّ الأئمّة يختلفون تطويلاً وتقصيراً، فاعتبر الزّمان ليكون أشبه بمواقيت الصّلاة وغيرها، وأضبط للنّاس في الأمصار والقرى والبوادي، وهذا هو المراد بالأحاديث الّتي تقدّمت، «وكان النّبيّ صلى الله عليه وسلم يصلّي صلاة عيد الأضحى عقب طلوع الشّمس». والأفضل تأخير التّضحية عن ارتفاع الشّمس قدر رمحٍ بالمقدار السّابق الذّكر. وذهب الحنابلة في قولٍ ثالثٍ لهم وهو الأرجح، إلى أنّ وقتها يبتدئ بعد صلاة العيد ولو قبل الخطبة لكنّ الأفضل انتظار الخطبتين. ولا يلزم انتظار الفراغ من الصّلاة في جميع الأماكن إن تعدّدت، بل يكفي الفراغ من واحدةٍ منها، وإذا كان مريد التّضحية في جهةٍ لا يصلّى فيها العيد - كالبادية وأهل الخيام ممّن لا عيد عليهم - فالوقت يبتدئ بعد مضيّ قدر صلاة العيد من ارتفاع الشّمس قدر رمحٍ. وإذا فاتت صلاة العيد بالزّوال في الأماكن الّتي تصلّى فيها ضحّوا من حين الفوات.

نهاية وقت التّضحية:

* ذهب الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة إلى أنّ أيّام التّضحية ثلاثةٌ، وهي يوم العيد، واليومان الأوّلان من أيّام التّشريق، فينتهي وقت التّضحية بغروب شمس اليوم الأخير من الأيّام المذكورة، وهو ثاني أيّام التّشريق. واحتجّوا بأنّ عمر وعليّاً وأبا هريرة وأنساً وابن عبّاسٍ وابن عمر رضي الله عنهم أخبروا أنّ أيّام النّحر ثلاثةٌ. ومعلومٌ أنّ المقادير لا يهتدى إليها بالرّأي، فلا بدّ أن يكون هؤلاء الصّحابة الكرام أخبروا بذلك سماعاً. وقال الشّافعيّة - وهو القول الآخر للحنابلة واختاره ابن تيميّة - أيّام التّضحية أربعةٌ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير