تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الواجبة فيجب بعد الذّبح التّصدّق بجزءٍ من لحمها نيئاً غير قديدٍ ولا تافهٍ جدّاً. وزاد الحنابلة أنّه إذا لم يتصدّق حتّى فاتت ضمن للفقراء ثمن أقلّ ما لا يعتبر تافهاً. فلا يكفي التّصدّق بشيءٍ من الشّحم أو الكبد أو نحوهما ولا التّصدّق بمطبوخٍ، ولا التّصدّق بقديدٍ وهو المجفّف، ولا التّصدّق بجزءٍ تافهٍ جدّاً ليس له وقعٌ. ووجوب التّصدّق هو أحد وجهين وهو أصحّهما، ويكفي في التّصدّق الإعطاء، ولا يشترط النّطق بلفظ التّمليك ونحوه، وما عدا الجزء المتصدّق به يجوز فيه الأكل والإهداء لمسلمٍ والتّصدّق على مسلمٍ فقيرٍ. والأفضل التّصدّق بها كلّها إلاّ لقماً يسيرةً يأكلها ندباً للتّبرّك، والأولى أن تكون هذه اللّقم من الكبد، ويسنّ إن جمع بين الأكل والتّصدّق والإهداء ألاّ يأكل فوق الثّلث، وألاّ يتصدّق بدون الثّلث، وأن يهدي الباقي. وقال الحنابلة: يجب التّصدّق ببعض الأضحيّة وهو أقلّ ما يقع عليه اسم لحمٍ وهو الأوقيّة، فإن لم يتصدّق حتّى فاتت ضمن للفقراء ثمن أوقيّةٍ، ويجب تمليك الفقير لحماً نيئاً لا إطعامه. والمستحبّ أن يأكل ثلثاً، يهدي ثلثاً، ويتصدّق بثلثٍ، ولو أكل، أكثر جاز. وسواءٌ فيما ذكر الأضحيّة المسنونة والواجبة بنحو النّذر، لأنّ النّذر محمولٌ على المعهود، والمعهود من الأضحيّة الشّرعيّة ذبحها، والأكل منها، والنّذر لا يغيّر من صفة المنذور إلاّ الإيجاب.

ب - ويكره للمضحّي بعد الذّبح عند الحنفيّة، أمورٌ:

* منها: أن ينخعها أو يسلخها قبل زهوق روحها، وهذه الكراهة عامّةٌ في جميع الذّبائح، وهي كراهةٌ تنزيهيّةٌ.

* ومنها: بيع شيءٍ من لحمها أو شحمها أو صوفها أو شعرها أو وبرها أو لبنها الّذي حلب منها بعد ذبحها، أو غير ذلك إذا كان البيع بدراهم أو دنانير أو مأكولاتٍ، أو نحو ذلك ممّا لا ينتفع به إلاّ باستهلاك عينه، فهذا البيع لا يحلّ وهو مكروهٌ تحريماً. بخلاف ما لو باع شيئاً منها بما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه من متاع البيت أو غيره، كالإناء النّحاس والمنخل والعصا والثّوب والخفّ، فإنّه يحلّ.

وإنّما لم يحلّ البيع بما يستهلك، لقوله: «من باع جلد أضحيّته فلا أضحيّة له» فإن باع نفذ البيع عند أبي حنيفة ومحمّدٍ. ووجب عليه التّصدّق بثمنه، لأنّ القربة ذهبت عنه ببيعه، ولا ينفذ البيع عند أبي يوسف فعليه أن يستردّه من المشتري، فإن لم يستطع وجب التّصدّق بثمنه. وإنّما حلّ بيعه بما يمكن الانتفاع به مع بقاء عينه، لأنّه يقوم مقام المبدل، فكأنّه باقٍ وهو شبيهٌ بما لو صنع من الجلد شيءٌ ينتفع به، كالقربة والدّلو. وصرّح المالكيّة بأنّه لا يجوز بيع شيءٍ منها بعد الذّبح ولا إبداله، سواءٌ أكان الذّبح مجزئاً عن الأضحيّة أو غير مجزئٍ، كما لو ذبح قبل الإمام، وكما لو تعيّبت الأضحيّة فذبحها سواءٌ أكان التّعيّب حالة الذّبح أم قبله، وسواءٌ أكان عند الذّبح عالماً بالعيب أم جاهلاً به، وسواءٌ أكان عند الذّبح عالماً بأنّها غير مجزئةٍ أم جاهلاً بذلك، ففي كلّ هذه الصّور متى ذبح لم يجز له البيع ولا الإبدال. وهذا بالنّسبة لصاحبها. وأمّا الّذي أهدي إليه شيءٌ منها، أو تصدّق عليه به، فيجوز له البيع والإبدال. وإذا وقع البيع الممنوع أو إبدالٌ ممنوعٌ فسخ العقد إن كان المبيع موجوداً، فإن فات بأكلٍ ونحوه وجب التّصدّق بالعوض إن كان موجوداً، فإن فات بالصّرف أو الضّياع وجب التّصدّق بمثله. وقال الشّافعيّة: لا يجوز للمضحّي بيع شيءٍ منها، وكذلك لا يجوز للغنيّ المهدى إليه، بخلاف الفقير المتصدّق عليه، فإنّه يجوز له البيع، ويجوز للمضحّي التّصدّق بالجلد وإعارته والانتفاع به لا بيعه ولا إجارته. وقول الحنابلة مثل قول الشّافعيّة، وزادوا أنّه لا يجوز بيع جلّها أيضاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير