وهما جميعا فيهما نفرة الحجاج و اكتمال سنة الرمي، فإن قلت الأثر عن ابن عباس خاص باليوم الأخير قيل لك لم يثبت الأثر عندك و لو فرضنا ثبوته فهو في مقابل السنة الصحيحة و مقابل قول صحابي آخر ثم لم يثبت أنه خاص بيوم النفر الأخير فإن في ألفاظه اختلافا و في بعضها تعميم فلا صح لك اللفظ الذي تدعي خصوصه ولا ثبت لك الاستدلال بأثر قابلته سنة و أثر اصح منه و على هذا فقول من أجاز الرمي قبل الزوال في يوم النفر الأخير فيه تقوية لقول من أجازه في يوم النفر الأول لاتفاقهما في الحكم و العلة و لأن التعليل برفع المشقة في يوم النفر الأول أقوى في زماننا.
و أما قول إسحاق فنحن لا ننكر صحة مذهبه الآخر في تجويز الرمي قبل الزوال في اليوم الأخير خاصة و لكننا نصحح القولين عنه جميعا و لا يلزم من إثبات صحة أحدهما نفي الآخر كما هو الحال في مذاهب الأئمة واختلاف الروايات عنهم و تعدد اجتهاداتهم وهذا من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى تطويل.
وأما اقتصار ابن المنذرأو غيره على نقل مذهبه دون استيفاء أقواله فهذا لا يعد طعنا في رواية الكوسج التي بين أيدينا فكثيرا ما يذكرابن المنذر أو ابن عبد البر مذهب أحمد مقتصرين على رواية و يكون لأحمد قول ثابت مشهورعند أصحابه لم يذكروه و مذاهب الأئمة يطول الكلام على مآخذها و هذه مسائل إسحاق الكوسج بين أيدينا ترون فيها أنه ذكر هذه المسألة في عدة مواضع -أعني مسألة الرمي قبل الزوال -و هو يقول في هذه التي جعلناها مدار خلافنا إنه سمع إسحاق يقول كذا و كذا أفتريدون أن نجعل نقله فيها ظهريا وأن نقول غلط إسحاق الكوسج ووهم في مسألة سهلة كهذه و هو مع هذا يبين تلك المسائل و يجعل لكل مسألة جوابا مبينا فعل العالم الخبير الحذق!
هذا و تذكّروا أن هذه المسائل لم تطبع إلا قريبا
و أما التدقيق مع التحقيق فهو المراد وفي نقلكم تحقيق وتدقيق مفيد لكن في اختياركم هنا ما ليس بالتحقيق.
وأما اقتناعكما - رعاكماالله بمذهب التجويز أو عدمه - فو الذي بيده الملك و الأمر وأنا عبيده المملوك ما سرني اتباعكما لهذا القول ما لم يكن عندكما في قرارة نفسيكما حقا وفرق بين بقائكما على تضعيف دليل القول وبين استمراركما في التشكيك في نسبته.
و أمانسبة القول لإسحاق فقد استبان لكما الدليل عليه
فإما رددتموه طعنا في الناقل فهو إمام أو قبلتموه و لكن قدمتم عليه ما هو أولى - في نظركما - عندكما وإذا فللكلام وجهة أخرى.
و فحص الفاضلين و نظرهما مع هذا مفيد و فيه أجر إن شاء الله تعالى وأنا متربص لقرب فائدة تفيدوننا بها فاستمرا جزكما الله خيرا
و أما الطعن في قول الصحابي الجليل عبدالله بن الزبير بأن له مسائل شذ فيها فأعيذكما بالله من ركوب هذا المهيع (الطريق) فما يمنع الراد عليكما أن يقول ولإبن عمر تشديد في مسائل وشذوذ هي أكثر مما روي عن ابن الزبير رضي الله عنهم جميعا وعبدالله بن الزبير صحب النبي صلى الله عليه وسلم صغيرا ورضع أخلاف العلم والحكمة من أقرب الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأعلمهم بسنته من جده أبي بكر وأمه عائشه وأسماء وكان له من عائشه منزلة وخصوصية وصحبها في أحلك المواقف وقعة الجمل وغيرها وتلاميذه من جلة التابعين فقها ورواية وإن كان قد شغل بالجهاد ثم بالخروج على يزيد الفاسق وابن عمر مع كونه أجل خفي عليه من سنةالنبي صلى الله عليه وسلم وتيسيره ماخفي مما لا يقدح في منزلته وفضله كما خفي عليه ان النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين وغير ذلك.
وأما مذهب الحنفية فعلمنا أن عندهم رواية بجواز الرمي في الثاني عشر والثالث عشر مارأينا أنه أتفق إمامان منهم على الطعن فيها. وأما مذهب أحمد فما نقله ابن منصور بين يدي إنصافكما وأما الرواية عن التابعين فقد مضى النقل عمن نقلها ورواها.
و في انتظار مزيد فوائدكما حفظكما الله.
ـ[أبو محمد المطيري]ــــــــ[08 - 03 - 05, 12:12 ص]ـ
يرفع
لم أر ردّا و لا تعقيبا من فضيلة الشيخ ابن وهب و لاالشيخ المقرئ فلا يبخلا على المتابعين بمخالفة بدليل أو موافقة بتعليل.
ـ[علي محمد ونيس]ــــــــ[08 - 08 - 05, 02:55 م]ـ
الحمد لله
¥