• الثاني: ـ أنه قد يكون في الأيام الثلاثة التي تلي يوم النحر، وهذا الذي نرجحه، فقد أورد ابن أبي شيبه هذا الأثر في مصنفه تحت عنوان: ـ
(في الجمار متى ترمى)، وعقد بعد ذلك بابا آخر عنوانه: ـ
(في رمي جمرة العقبة)،
فدل ذلك على أن مقصود ابن أبي شيبة بالعنوان الأول، أيام التشريق دون يوم النحر، لأنه خصص له بابا مستقلا.
• الثالث: ـ أنه قد يكون في يوم النفر الثاني، وقد ذكرنا هذا الاحتمال، لما ذكر في كتب الأحناف من أن مذهب بن عباس جواز الرمي قبل الزوال في يوم النفر الثاني، وممن نقل ذلك المرغيناني في الهداية، والزيلعي في نصب الراية حيث قال: ـ
(ومذهبه مروي عن ابن عباس، يعني مذهب أبي حنيفة في تقديم الرمي على الزوال بعد الفجر في اليوم الرابع من أيام التشريق)
وهذا الاحتمال فيه قوة أيضاً، إلا أنه أقل قوة من الذي رجحناه، ومع هذا فالأثر يبقى محتملاً، لما فيه من الإبهام،فلعلنا نجد فيما يستقبل ـ إن شاء الله ـ رواية أخرى تصرح بتحديد اليوم الذي رمى فيه، وبها يزول الإشكال.
• ابن الزبير: ـ
روى الفاكهي في أخبار مكة قال: ـ ثنا ابن أبي عمر، ثنا سفيان، عن عمرو بن دينار، قال: ـ " ذهبت أرمي الجمار فسألت: ـ هل رمى ابن عمر؟ فقالوا: ـ لا، إنما رمى أمير المؤمنين ـ يعنون ابن الزبير ـ قال عمرو: ـ فانتظرت ابن عمر، فلما زالت الشمس، خرج فأتى الجمرة الأولى فرماها "
وهذا يدل على أن ابن الزبير كان يرى جواز الرمي قبل الزوال في أيام التشريق ويفعله، مخالفا في ذلك ابن عمر كما هو واضح من الرواية.
• لكن روى ابن أبي شيبة في مصنفه قال: حدثنا أبو خالد، عن ابن جريج، عن عمرو بن دينار قال: ـ " رأيت ابن الزبير وعبيد بن عمير يرميان الجمار بعد ما زالت الشمس ".
وهذا لا يتعارض مع الأثر السابق، لأنه لا يدل على أن ابن الزبير يرى عدم جواز الرمي قبل الزوال، بل غايته الدلالة على أن ابن الزبير صنع هذا وهذا، وهذا يعني أنه يرى الرمي قبل الزوال مجزئا، كالرمي بعده، أو أن الرمي بعد الزوال على سبيل الأفضلية.
* عطاء وطاووس: ـ
روى البخاري من حديث ابن عمر، حينما سأله وبرة بن عبد الرحمن السلمي متي أرمي الجمار؟ قال: " إذا رمى إمامك فارمه، فأعدت عليه المسألة؛ قال: كنا نتحين، فإذا زالت الشمس رمينا "
قال ابن حجر: ـ " وفيه دليل على أن السنة أن يرمي الجمار في غير يوم الأضحى بعد الزوال، وبه قال الجمهور، وخالف فيه عطاء وطاووس فقالا: ـ يجوز قبل الزوال مطلقاً "
ونقل عنهما مثل هذا العيني في شرحه على البخاري
ونقل عنهما الأطلاق كذلك المباركفوري فقال: ـ " وخالف فيه عطاء وطاووس، فقالا: ـ يجوز قبل الزوال مطلقا "
وهذا الذي ذكر عنهما في هذه الكتب يبين أنهما أطلقا القول بالجواز في الأيام الثلاثة دون قيد، وبالنظر في بعض الكتب الأخرى وجدنا أن القول المنقول عن عطاء ليس على إطلاقه، بل ورد مقيدا عنه بما إذا فعله جاهلا
ففي القرى لقاصد أم القرى: ـ
" وقال عطاء: رمي الجمار بعد الزوال، فإن رمى قبل الزوال بجهالة أجزأه"
وورود هذا عن عطاء ينفي كون قوله بالجواز على إطلاقه، بل هو مقيد بالجهل، وهذا يعني أنه يرى عدم الإجزاء إن كان عن علم وعمد بناء على ما نقله الطبري، لأنه ثبت عنه أنه قال بعدم جواز الرمي قبل الزوال مطلقاً، كما سيأتي بيانه قريبا.
* عكرمة: ـ
وقد ذكر القول عنه بالجواز الماوردي، قال: ـ
" وقال طاووس وعكرمة: ـ يجوز أن يرمي قبل الزوال كيوم النحر ".
* ابن طاووس: ـ
ورد القول عنه بالجواز، في مصنف ابن أبي شيبة، وهوعبد الله، أبوه طاووس بن كيسان، الذي نقلنا عنه القول بالجواز سابقا، ولعله أخذ هذا القول عن أبيه،
روى بن أبي شيبه في مصنفه قال: ـ حدثنا يحيي بن سعيد، عن ابن جريج، عن الحسن بن مسلم، عن ابن طاووس، قال: ـ" ترمى الجمار إذا طلعت الشمس "
* أبو جعفر محمد بن علي الباقر: ـ
وقد نقل عنه القول بالجوازابن عبد البر في الاستذكار، وابن رشد في بداية المجتهد، ومحب الدين الطبري في القرى، فقال: ـ "وقال أبوجعفر محمد بن علي: ـ رمي الجمار مابين طلوع الشمس إلي غروبها"
¥