" قَالَ الْمَدَنِيُّ لِجَوَازِ النَّفْرِ الْأَوَّلِ ثَمَانِيَةُ شُرُوطٍ لَكِنَّهَا تَعُودُ لِخَمْسَةٍ لِدُخُولِ بَعْضِهَا فِي بَعْضٍ: أَنْ يَنْفِرَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَأَنْ يَكُونَ بَعْدَ جَمِيعِ الرَّمْيِ، وَأَنْ يَكُونَ قَدْ بَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ قَبْلَهُ بِمِنًى أَوْ تَرَكَهُمَا لِعُذْرٍ، وَأَنْ يَنْوِيَ النَّفْرَ وَأَنْ يَكُونَ نِيَّةُ النَّفْرِ مُقَارِنَةً لَهُ وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِخُرُوجِهِ فَيَلْزَمُهُ الْعَوْدُ، وَهَذَا دَاخِلٌ فِي نِيَّةِ النَّفْرِ، لِأَنَّ حَقِيقَةَ النِّيَّة:ِ الْقَصْدُ الْمُقَارِنُ، وَأَنْ يَكُونَ نَفْرُهُ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ الْيَوْمِ، وَأَنْ لَا يَكُونَ فِي عَزْمِهِ الْعَوْدُ إلَى الْمَبِيتِ وَهَذَا يُغْنِي عَنْهُ ذِكْرُ النَّفْرِ ; لِأَنَّهُ مَعَ الْعَزْمِ عَلَى الْعَوْدِ لَا يُسَمَّى نَفْرًا "
* قال الخطيب الشربيني:
" (فَإِذَا رَمَى الْيَوْمَ) الْأَوَّلَ , وَ (الثَّانِيَ) مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (وَأَرَادَ النَّفْرَ) مَعَ النَّاسِ (قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) فِي الْيَوْمِ الثَّانِي (جَازَ وَسَقَطَ مَبِيتُ اللَّيْلَةِ الثَّالِثَةِ وَرَمَى يَوْمَهَا) وَلَا دَمَ عَلَيْهِ لقوله تعالى: {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ} وَلِإِتْيَانِهِ بِمُعْظَمِ الْعِبَادَةِ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ مَحِلَّ ذَلِكَ إذَا بَاتَ اللَّيْلَتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ. فَإِنْ لَمْ يَبِتْهُمَا لَمْ يَسْقُطْ مَبِيتُ الثَّالِثَةِ وَلَا رَمْيُ يَوْمِهَا , وَهُوَ كَذَلِكَ فِيمَنْ لَا عُذْرَ لَهُ كَمَا نَقَلَهُ فِي الْمَجْمُوعِ عَنْ الرُّويَانِيِّ عَنْ الْأَصْحَابِ وَأَقَرَّهُ , وَكَذَا لَوْ نَفَرَ بَعْدَ الْمَبِيتِ وَقَبْلَ الرَّمْيِ كَمَا يُفْهِمُهُ تَقْيِيدُ الْمُصَنِّفِ بِبَعْدِ الرَّمْيِ , وَبِهِ صَرَّحَ الْعِمْرَانِيُّ عَنْ الشَّرِيفِ الْعُثْمَانِيِّ قَالَ: لِأَنَّ هَذَا النَّفْرَ غَيْرُ جَائِزٍ. قَالَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ: وَهُوَ صَحِيحٌ مُتَّجَهٌ. وَقَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ ظَاهِرٌ , وَالشَّرْطُ أَنْ يَنْفِرَ بَعْدَ الزَّوَالِ وَالرَّمْيِ "
* قال محب الدين الطبري المكي الشافعي:
" فجواز النفر الأول مشروط بشرطين: أحدهما أن ينفر قبل غروب الشمس من اليوم الثاني، فإن غربت قبل أن ينفر لزمه المبيت، ورمى اليوم الثالث.
الشرط الثاني: أن ينفر بعد الزوال، فإن نفر قبله، قال العثماني من أصحابنا: لا يسقط عنه المبيت في الليلة الثالثة، ولا رمي اليوم الثاني والثالث، لأن ذلك إنما يسقط بنفر جائز، وهذا غير جائز "
* وفي فتاوى شهاب الدين أحمد بن أحمد الرملي:
" (سُئِلَ) هَلْ الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ النَّفْرِ الْأَوَّلِ قَبْلَ رَمْيِ يَوْمِهِ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ عَدَمُهُ. "
هذه نصوص السادة الشافعية تدل على ما ذكرناه صراحة، كما أن نصوص المذاهب الأخرى تدل على ذلك بعموم ألفاظها الواردة بهذا الشأن، بما يدل على المراد، وهاك بعضها.
* قال الكاساني ـ وهو حنفي ـ:
" فَإِذَا رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَالِ فَأَرَادَ أَنْ يَنْفِرَ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ , وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ النَّفْرِ الْأَوَّلِ فَلَهُ ذَلِكَ لقوله تعالى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ} أَيْ مَنْ نَفَرَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَمَا رَمَى يَوْمَيْنِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ , وَتَرَكَ الرَّمْيَ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ فِي تَعْجِيلِهِ , وَالْأَفْضَلُ أَنْ لَا يَتَعَجَّلَ بَلْ يَتَأَخَّرَ إلَى آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ , وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ مِنْهَا فَيَسْتَوْفِي الرَّمْيَ فِي الْأَيَّامِ كُلِّهَا ثُمَّ يَنْفِرُ "
فقوله: " فإذا رمى ........... فأراد أن ينفر .......... الخ "
¥