تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

7) واحتجوا بحديث مظلمٍ عن أم الدرداء t قالت: خرجت من الحمام، فلقيني النبي r فقال: «من أين يا أم الدرداء؟». فقلت: من الحمام. فقال: «والذي نفسي بيده، ما من امرأة تنزع ثيابها في غير بيت أحد من أمهاتها، إلا هاتكة كل ستر بينها وبين الرحمن عز وجل». وهذا حديث موضوع. سرد ابن الجوزي أسانيده ثم قال في العلل المتناهية (1

341): «هذا حديث لا يصح. قد سبق في كتابنا أن ابن لهيعة ذاهب الحديث. فأما زبان، فقال أحمد: أحاديثه مناكير. وقال ابن حبان: لا يحتج به. وأما سهل بن معاذ، فقال يحيى: ضعيف. وقال ابن حبان: لست أدري التخليط منه أو من زبان. وأما أبو صخر، فاسمه حميد بن زياد، ضعفه يحيى. وهذا الحديث باطل، لم يكن عندهم حمامات زمن رسول الله r».

8) وأخرج الترمذي بإسناد ضعيف عن ابن عباس t عن النبي r قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يدخل الحمام (إلا بمئزر). ومن كان يؤمن بالله واليوم الأخر فلا يدخل حليلته الحمام .... الخ». وهذا الحديث كفانا الترمذي بيان ضعفه فقال في سننه (5

113): «هذا حديث حسن غريب. لا نعرفه من حديث طاووس عن جابر، إلا من هذا الوجه. قال محمد بن إسماعيل (أي البخاري): ليث بن أبي سليم صدوق وربما يهم في الشيء. قال محمد بن إسماعيل وقال أحمد بن حنبل: ليث لا يفرح بحديثه، كان ليث يرفع أشياء لا يرفعها غيره. فلذلك ضعفوه».

9) وهناك أحاديث ضعيفة أخرى، ولا حجة لهم فيها. ولذلك قال الحافظ الحازمي في كتابه الاعتبار (187): «باب النهي عن دخول الحمام ثم الإذن فيه بعد ذلك». ثم قال في آخره: «وأحاديث الحمام كلها معلولة (يعني المرفوعات)، وإنما يصح فيها عن الصحابة رضي الله عنهم». وقد ضعفها كذلك الحافظ عبد الحق الأشبيلي في الأحكام الوسطى له (1

244). وقال الذهبي: «أحاديث الحمام لم يتفق على صحة شيء منها». وقال المنذري: «أحاديث الحمام كلها معلولة. وإنما يصح منها عن الصحابة». قال العجلوني في كشف الخفاء (2

566) في الخاتمة في باب الأحاديث الموضوعة: «وباب النهي عن دخول الحمام لم يصح فيه شيء».

10) واحتجوا بأثرٍ موقوفٍ على عمر بن الخطاب t ينهى فيه نساء المسلمين على دخول الحمامات. وقالوا: هذا النهي دليلٌ على أن المرأة يجب عليها أن تستتر من المرأة الأخرى وتغطي غالب جسمها. لأنه لا يجوز لها الدخول إلى الحمام إلا لضرورة.

قلنا: هذا الأثر جاء من عدة طرق كلها ضعيف. فقد رواه عبد الرزاق (1

295 #1134) عن ابن المبارك عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي –قال ابن الأعرابي: وجدت في كتاب غيري عن قيس بن الحارث– قال: «كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي عبيدة بلغني ... » فذكره. ورواه عبد الرزاق أيضاً (1136) من طريق إسماعيل بن عياش عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي عن قيس بن الحارث قال: كتب عمر بن الخطاب t إلى أبي عبيدة فذكره.

ولكن رواه سعيد بن منصور عن إسماعيل بن عياش عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي عن أبيه عن الحارث بن قيس قال كتب عمر بن الخطاب t إلى أبي عبيدة t فذكره، فزاد فيه عن أبيه، وجعله من رواية الحارث بن قيس. ورواه سعيد بن منصور أيضاً عن عيسى بن يونس عن هشام بن الغاز عن عبادة بن نسي قال: «كتب عمر بن الخطاب t... الحديث». ورواه ابن جرير كذلك عن عيسى بن يونس بمثله.

ففي رواية ابن المبارك عند عبد الرزاق وعيسى بن يونس عند سعيد بن منصور وابن جرير عن عبادة بن نسي مرسلاً. وزاد إسماعيل بن عياش كما في رواية سعيد بن منصور عن عبادة عن أبيه عن الحارث بن قيس، ونسي والد عبادة مجهول. وأسقطه في رواية عبد الرزاق. فيكون الأثر منقطعاً بين عبادة وقيس بن الحارث، كما أنه جعله من رواية الحارث بن قيس بدل قيس بن الحارث. وهذا كله يدل على اضطراب إسماعيل في روايته لهذا الأثر. بينما الأثبات رووه عن عبادة (ت 118هـ) مرسلاً. فيكون مدار الحديث على "نسي" المجهول. وقد رجح ذلك أبو حاتم كما في الجرح والتعديل (8

510).

وأخرجه عبد الرزاق (#1133) من طريق سليمان بن موسى، وهو ضعيف قال عنه البخاري: «عنده مناكير». ومتن هذه الرواية مضطرب في كل الروايات فلا يمكن تقويتها أو تصحيحها. قال الإمام أحمد (في رواية عبد الملك الميموني): «وعمر كتب إلى أهل الشام: امنعوا نساءهم أن يدخلوا مع نسائكم الحمامات»، ثم قال: «ليس له ذاك الإسناد».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير