تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

11) ويشبه هذا ما أخرجه عبد الرزاق (#1135) عن محمد بن عبيد الله (العرزمي، ضعيف) عن أم كلثوم قالت: «أمرتني عائشة فطليتها بالنورة. ثم طليتها بالحناء على إثرها، ما بين فرقها إلى قدمها في الحمام، من حصنٍ كان بها. فقلت لها: "ألم تكوني تنهي النساء؟ ". فقالت: "إني سقيمة. وأنا أنهى الآن أن تدخل امرأة الحمام، إلا من سقم"». وفي "لسان العرب" لإبن المنظور: «النُّورَةُ من الحجر الذي يحرق ويُسَوَّى منه الكِلْسُ ويحلق به شعر العانة». قلت: هذا الأثر ضعيف ليس لهم به حجة.

فثبت بذلك أنه لا دليل لهم على ما يقولون.] إِن يَتَّبِعُونَ إِلا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً [. والصواب الذي لا شكّ فيه أن عورة المرأة أمام المرأة والمحارم هي كعورة الرجل أمام غيره (إن أمنت الشهوة). فإن قيل هل يجوز أن تخرج المرأة على النساء في الحفلات وغيرها وهي لم تستر سوى قبلها ودبرها؟ فنحن نقول لهؤلاء المشاغبين: هل يجوز عندكم أن يخرج الرجل على الرجال والنساء في الحفلات وغيرها وهو لم يستر سوى قبله ودبره؟ هل ترون أن من قال بأن عورة الرجل هي مجرد سوءتيه (وهم جمهور السلف) كانوا يقصدون ذلك؟! فكل جوابٍ أجابونا به، يكون جواباً على شبهتهم، والحمد لله رب العالمين.

وأما نحن فهذه أدلتنا:

1– قال الله تعالى في سورة النور (30):] وقل للمؤمنات: يغضضن من أبصارهن. ويحفظن فروجهن. ولا يبدين زينتهن، إلا ما ظهر منها. وليضربن بخمرهن على جيوبهن. ولا يبدين زينتهن، إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء. ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن. وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون [.

وفي الآية دليلٌ على أنه يجوز أن تبدي المرأة أمام محارمها وأمام النساء المسلمات ما تبديه أمام زوجها. وهذا يشمل كل جسدها إلا الفرجين لقوله تعالى] ويحفظن فروجهن [. وأجاز رؤية ذلك للزوج استثناءً كما في أوائل سورة المؤمنين.

قتل ابن حزم في المحلى (10

32): «وجائز لذي المحرم أن يرى جميع جسم حريمته –كالأم والجدة والبنت وابنة الابن والخالة والعمة وبنت الأخ وامرأة الأب وامرأة الابن– حاش الدبر والفرج فقط. وكذلك النساء بعضهن من بعض. وكذلك الرجال بعضهم من بعض. برهان ذلك قول الله تعالى {ولا يبدين زينتهن يخفين من زينتهن}. النور الآية. فذكر الله عز وجل في هذه الآية زينتهن زينة ظاهرة تبدي لكل أحد وهي الوجه والكفان على ما بينا فقط، وزينة باطنة حرم عز وجل إبداءها إلا لمن ذكر في الآية. ووجدناه تعالى قد ساوى في ذلك بين البعولة والنساء والأطفال وسائر من ذكرنا في الآية. وقد أوضحنا في كتاب الصلاة أن المرأة كلها عورة إلا الوجه والكفين. فحكم العورة سواء فيما ذكرنا، إلا ما لا خلاف فيه من أنه لا يحل لغير الزوج النظر إليه: الفرج والدبر. ولم نجد لا في قرآن ولا سنة ولا معقول فرقاً بين الشعر والعنق والذراع والساق والصدر وبين البطن والظهر والفخذ، إلا أنه لا يحل لأحد أن يتعمد النظر إلى شيء من امرأة لا يحل له -لا الوجه ولا غيره- إلا لقصة تدعو إلى ذلك لا يقصد منها منكر بقلب أو بعين. وقد روينا عن طاوس كراهة نظر الرجل إلى شعر ابنته وأمه وأخته، ولا يصح عن طاوس. وصح عن إبراهيم أن لا ينظر من ذات المحرم إلا إلى ما فوق الصدر. وهذا تحديد لا برهان على صحته. وليس هذا مكان رأى ولا استحسان، لأن المخالفين لنا ههنا بأهوائهم لا يختلفون في أنه لا يحل النظر إلى زينة شعر العجوز السوداء الحرة. ولعل النظر إليها يقذى العين ويميت تهييج النفس. ويجيزون النظر لغير لذة إلى وجه الجارية الجميلة الفتاة ويديها».

2– روى مسلم في صحيحه (1

266) من حديث أبي سعيد الخدري r قال: قال رسول الله r: « لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة. ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد. ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير