ففي هذا الحديث دليل على التساوي في حدود العورة بدلالة الاقتران والقياس. وهذا هو الصواب في مذهب أحمد بن حنبل. وقد ثبت عندنا أن عورة الرجل من الرجل هي السوءتين، فكذلك المرأة. والذين قالوا بأن عورة الرجل هي ما بين السرة إلى الركبة، جعلوا ذلك للمرأة كذلك.
قال الإمام المرداوي في كتابه "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام أحمد بن حنبل" (8
24): «قوله "وللمرأة مع المرأة والرجل مع الرجل النظر إلى ما عدا ما بين السرة والركبة": يجوز للمرأة المسلمة النظر من المرأة المسلمة إلى ما عدا ما بين السرة والركبة. جزم به في الهداية والمذهب والمستوعب والخلاصة والمصنف هنا وصاحب الرعاية الصغرى والحاوي الصغير الوجيز وشرح ابن منجا وغيرهم وقدمه في الرعاية الكبرى. والصحيح من المذهب أنها لا تنظر منها إلا العورة. وجزم به في المحرر والنظم والمنور. ولعل من قطع أَوّلاً أراد هذا. لكن صاحب الرعاية غاير بين القولين وهو الظاهر. ومرادهم بعورة المرأة هنا كعورة الرجل على الخلاف. صرح به الزركشي في شرح الوجيز».
3– أخرج البخاري ومسلم –واللفظ له– عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: «دخلت على عائشة أنا وأخوها من الرضاعة. فسألها عن غسل النبي r من الجنابة. فدعت بإناءٍ قَدْرَ الصّاعِ، فاغتسلت وبيننا وبينها سِتر. وأفرَغَت على رأسها ثلاثاً. وكان أزواج النبي r يأخُذنَ من رءوسهن حتى تكون كالوَفْرة».
فقال القاضي عياض في كتابه "إكمال المعلم شرح صحيح مسلم": «ظاهر الحديث أنهما رأيا عملها في رأسها وأعالي جسدها مما يحل لذي المحرم النظر إليه من ذات المحرم. وكان أحدهما أخاها من الرضاعة كما ذُكِرَ. قيل اسمه عبد الله بن يزيد، وكان أبو سلمة ابن أختها من الرضاعة، أرضعته أم كلثوم بنت أبي بكر. ولولا أنهما شاهَدا ذلك ورأياه، لم يكن لاستدعائها الماء وطهارتها بحضرتهما معنى! إذ لوا فعلت ذلك كله في سِتْرٍ عنهما لكان عبثاً، ورجع الحال إلى وصفها له. وإنما فعلت الستر ليستتر أسافِل البدَن وما لا يحل للمَحرم نظره». قال النووي في شرحه لصحيح مسلم: «وفي هذا الذي فعلته عائشة t دلالة على استحباب التعليم بالوصف بالفعل. فإنه أوقع في النفس من القول، ويثبت في الحفظ ما لا يثبت بالقول». قلت: فهذا دليلٌ على أن أعالي الجسد ليس بعورة.
4– أخرج مسلم في صحيحه (4
1730 #2206) عن جابر: «أن أم سلمة استأذنت رسول الله r في الحجامة، فأمر النبي r أبا طيبة أن يحجمها». قال (رواي الحديث): «حسبت أنه (أي جابر) قال: كان أخاها من الرضاعة أو غلاما لم يحتلم». قال ابن حزم: «أم سلمة t ولدت بمكة، وبها ولدت أكثر أولادها. وأبو طيبة غلام لبعض الأنصار بالمدينة، فمحال أن يكون أخاها من الرضاعة. وكان عبداً مضروباً عليه الخراج». فلم يبق إلا أنه غلام لم يحتلم. والحجة في هذا الحديث أنه «لا يمكن أن يحجمها، إلا حتى يرى عنقها وأعلى ظهرها مما يوازى أعلى كتفيها» كما قال ابن حزم.
5– ثم إن الأصل في الأمور الإباحة. وهذا أمرٌ عمّ فيه البلاء. ولو كان هناك حديثٌ صحيحٌ لتناقله الفقهاء بينهم ولنقله الثقة عن الثقة حتى وصل إلينا. فلمّا عجز خصومنا عن الإتيان بأي حديثٍ صحيحٍ صريحٍ في المسألة، ثبت يقيناً عدمه. فلم يبق إلا ما قلناه من أن الأصل في الأمور الإباحة إلا ما جاء مخصص له وهو قوله تعالى] ويحفظن فروجهن [. وظاهر الآية معنا كما أوضحنا. ولا نترك كتاب ربنا لحديثٍ موضوعٍ أو قياسٍ فاسدٍ أو رأيٍ ضعيف.] وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلاً لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [.
وإن شاء الله فإنها قد جمعت كل الأدلة.
ـ[أبو عبدالرحمن الغريب]ــــــــ[08 - 12 - 05, 11:52 م]ـ
أخي أبا محمد الظاهري
دخلت غير مأمور إلى الملف ولم أستفد (ابتسامة)
الصوت غير واضح بالنسبة لي ولا أدري الخلل في أذني أم جهازي القديم
طلبا من رجل كريم هلا وضعت لنا فحواه حتى لا ننسب للسيخ شيئاً لم يقله
أو تسجيلا اخر أوضح من هذا.
شاكراً لك مقدما تفضلك بإفادة إخوانك وجزاك الله خيراً
ـ[أبو محمد الظاهرى]ــــــــ[05 - 03 - 06, 11:45 م]ـ
الشريط واضح أخى .... يبدو أن جهازك قديم:)
هذا هو ملخص كلام الألبانى رحمه الله
¥