[تنوير البصيرة في حكم المسح على الجبيرة]
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[13 - 12 - 05, 02:39 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
[تنوير البصيرة في حكم المسح على الجبيرة]
تعريف الجبيرة: الجبيرة في الأصل ما يُجَبر به الكسر، والمراد بها في عرف الفقهاء " ما يوضع على موضع الطهارة لحاجة "، مثل الجبس الذي يكون على الكسر، أو اللزقة التي تكون على الجرح، أو على ألم في الظَّهر أو مأ أشبه ذلك.
أقوال أهل العلم في حكم المسح على الجبيرة
القول الأول: المسح على الجبيرة
ودليلهم في ذلك:-
1) - وردت في الجبائر عدة أحاديث منها حديث علي بن أبي طالب، وحديث ابن عباس، وحديث جابر , وهي وإن كانت ضعيفة إلا أن لها طرقا يشد بعضها بعضا، تجعلها صالحة للاستدلال بها على المشروعية
2) - اثر ابن عمر وقد - صح موقوفا عليه - وهو انه كان يمسح على الجبيرة.
3) - أن هذا العضو الواجب مسحه ستر بما يسوغ به شرعاً فجاز المسح عليه كالخفين.
4) - أن المسح على الجبيرة من باب الضرورة , والضرورة لا فرق فيها بين الحدث الأكبر والأصغر بخلاف المسح على الخفين فهو رخصه.
5) - أن المسح ورد التعبد به من حيث الجملة فأذا عجزنا عن الغسل انتقلنا إلى المسح كمرحله أخري.
القول الثاني لا يمسح على الجبيرة وينقسم ألي قسمين
القسم الأول يتيمم لهذا الغسل
ودليلهم على ذلك:-
لا يمسح على الجبيرة ويسقط عنه الغسل ألي بدله وهو التيمم بأن يغسل أعضاء الطهارة ويتيمم عن الموضع الذي فيه الجبيرة لانه عاجز عن استعمال الماء والعاجز عن البعض كالعجز عن الكل فيتيمم.
القسم الثاني لا يمسح على الجبيرة ويسقط الغسل ولا يتيمم له
أن الاستدلال على جواز المسح على الجبيرة والتيمم لها لا يخلوا أما من حديث ضعيف أو قياس فاسد وهى على النحو الاتى:-
1 - أن الأحاديث الواردة في المسح على الجبيرة أحاديث ضعيفة شديدة الضعف وكما هو معلوم في علم مصطلح الحديث فان الأحاديث الضعيفة شديدة الضعف لا تتقوى بكثرة الطرق والأحاديث هي:-
الحديث الأول: حديث جابر رضي الله عنه قال: {خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ فَقَالُوا مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ}.فهذا الحديث صحيح بدون زيادة " ويعصر. . . إلخ " فهي زيادة ضعيفة منكرة لتفرد هذا الطريق الضعيف بها.
الحديث الثاني: عن على قال: {انكسرت إحدى زندفي، فسألت رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأمرني أن أمسح على الجبائر}
الحديث الثالث: عن ابن عمر {أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يمسح على الجبائر} وهذا الحديث لا يصح مرفوعا , ولكنه قد صح موقوفا عن ابن عمر رضي الله عنه.
فهذه الأحاديث وغيرها من الأحاديث التي وردت في المسح على الجبيرة أحاديث ضعيف شديدة الضعف كما بين الشيخ العلامة ناصر الدين الالبانى وهى لا ترتقي إلى درجة الصحة كما هو معلوم في علم المصطلح.
2 - أما عن أثر ابن عمر المتقدم – وهو صحيح - فهو فعل منه رضي الله عنه وليس إيجابا للمسح عليها، وقد صح عنه أنه كان يدخل الماء في باطن عينيه في الوضوء والغسل، ولا يشرع ذلك، فضلا عن أن يكون فرضا!
3 - انه كما هو معلوم من شروط الاستدلال بالقياس أن تكون العلة موجودة في الفرع كوجودها في الأصل وعلى هذا يكون قياس المسح على الجبيرة مع المسح على الخفين قياسا فاسدا إذ توجد فوارق بين المسح على الجبيرة والمسح على الخفين نذكر منها:-
ا- أن الجبيرة لا تختص بعضو معين، والخف يختص بالرجل.
ب - أن المسح على الجبيرة جائز في الحدثين ((الأكبر و الأصغر))، أما المسح على الخفين لا يجوز إلا في الحدث الأصغر.
ج - أن المسح على الجبيرة غير مؤقت، أما المسح على الخفين مؤقتة بوقت معين.
د- أن الجبيرة لا تشترط لها الطهارة - على القول الراجح – إما المسح على الخفين فلا بد أن يلبس على طهارة.
ثم أن القول بان المسح ورد التعبد به من حيث الجملة فأذا عجزنا عن الغسل انتقلنا إلى المسح كمرحله أخري فهذا الكلام مردود إذ أن المسح على الجبيرة أمرا تعبدي ولا نقوم به ألا بدليل فإذا وجد الدليل من الكتاب أو السنة فبها ونعمة لان الأصل في العبادات التوقف حتى يأتي الدليل ولم ياتى دليل من الكتاب أو السنة على أن من عليه الجبيرة أن يمسح عليها أو يتيمم بدل الوضوء أو الغسل ثم أن الله تبارك وتعالى يقول {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} البقرة , والرسول صلى الله عليه وسلم يقول {إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَدَعُوهُ} صححه الألباني. فسقط بالقران والسنه كل ما عجز عنه المرء, وكان التعويض منه شرعاً, والشرع لا يلزم ألا بقران أو سنه , ولم يأت قران ولا سنه بتعويض المسح على الجبائر والدواء ولا التيمم لها , فسقط القول بذلك
¥