ولكن يا صديقي: اختيارك عالما محددا لسؤاله لعلمك أنه سيجيز لك المساهمة بهذه الشركة لا يجعلك معذورا عند الله جل وعلا لأنك لم تبحث عن الحق وإنما بحثت عمن يوافق هواك وقد نص أهل العلم على أن المقلد لا يجوز له تعمد سؤال من يرخص له قال النووي رحمه الله في فتوى له وقد سئل عن التقليد للعالم: فأجاب: "يجوز له أن يعمل بفتوى من يصلح للإفتاء إذا سأله اتفاقاً من غير تلقط الرخص ولا تعمد سؤال من يعلم أن مذهبه الترخيص في ذلك"
والمقلد عليه أن يأخذ بالفتوى التي يطمئن لها ولم يجد في نفسه منها شيئا ومن أخذ بفتوى يرى أن فيها إشكالا لكن لما وافقت هواه أخذ بها لم يجز له ذلك ولم تنفعه عند الله هذه الفتوى قال ابن القيم رحمه الله في إعلام الموقعين في إحدى الفوائد: (اطمئنان قلب المستفتي قبل العمل بالفتوى) لا يجوز العمل بمجرد فتوى المفتي اذا لم تطمئن نفس المستفتي وحاك في صدره من قبوله وتردد فيها لقوله صلى الله عليه وسلم استفت نفسك وإن افتاك الناس وافتوك فيجب عليه ان يستفتي نفسه اولا ولا تخلصه فتوى المفتي من الله اذا كان يعلم ان الأمر في الباطن بخلاف ما افتاه كما لا ينفعه قضاء القاضي له بذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم من قضيت له بشيء من حق اخيه فلا يأخذه فإنما اقطع له قطعة من نار والمفتي والقاضي في هذا سواء ولا يظن المستفتي ان مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه اذا كان يعلم أن الأمر بخلافه في الباطن سواء تردد أو حاك في صدره لعلمه بالحال في الباطن أولشكه فيه أولجهله به أولعلمه جهل المفتي أومحاباته في فتواه أوعدم تقيده بالكتاب والسنة أولأنه معروف بالفتوى بالحيل والرخص المخالفة للسنة وغير ذلك من الأسباب المانعة من الثقة بفتواه وسكون النفس إليها فإن كان عدم الثقة والطمأنينة لأجل المفتى يسأل ثانيا وثالثا حتى تحصل له الطمأنينة فإن لم يجد فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها والواجب تقوى الله بحسب الاستطاعة)
وأنا أسألك أيها القرافي: أليس الأصل في نفسك أن الشركات التي فيها قروض ربوية محرمة وقد كانت هذه قناعاتك وأن المساهمة مبنية على الشركة والوكالة وأن دخولك فيه متضمن لرضائك بمثل هذه المعاملات المحرمة؟
قال القرافي: إلى حد ما = قد كان الأمر من قديم أنه لا يجوز التعامل مع هذه الشركات لعظم الربا وقد كنت أعتقد أن المشايخ سيتفقون على حرمة هذا العمل مع أن نفسي ترغب جمع المال وفرحت كثيرا لما وجدت من أباحه
قال المقرئ: إذا أخذك للفتوى الجديدة ليس لأجل قوة أدلتها بل لعلك لا تعرف ماهو مستند من أجاز هذه المساهمات ولكن لما وافق ما تشتهي أخذتها أليس كذلك؟
قال القرافي: هو كذلك وإذا جلست مع نفسي كثيرا ما أقول: مالذي جعل هذا الربا متساهلا به إلى هذه الدرجة ثم أقطع تفكيري وأقول ما دمت على فتوى من عالم معتبر فالتبعة عليه!!
قال المقرئ: كلا وقد نقلت لك كلام ابن القيم في عدم نفع هذه الحجة عند الله تعالى كما قال: (ولا تخلصه فتوى المفتي من الله) وقال: (ولا يظن المستفتي أن مجرد فتوى الفقيه تبيح له ما سأل عنه) فكل فرد من الناس يعلم حرمة الربا وعدم جوازه وعظم خطره وأن الفتوى السابقة المنتشرة كانت مألوفة للناس ومستساغة لديهم أما هذه الفتوى فكثير من الناس يساهم في الشركة وفي نفسه علامات الاستفهام والاستغراب حول هذه الفتوى لكن لما شاهد إقدام الناس على المساهمة ووجود بعض الفتاوى المبيحة جعلها ذريعة له للمساهمة
قال القرافي: لقد قلقلت ركائبي وأقلقت فؤادي فدعني أتأمل قليلا لأجمع عدتي وأسترد توازني
ـ[الحنبلي السلفي]ــــــــ[27 - 12 - 05, 07:32 م]ـ
بارك الله فيك يا شيخنا المقرئ وزادك من فضله وما أجمل هذه الطريقة التي تذكرنا بشيخ شيخك العلامة السعدي رحم الله الجميع.
شيخنا لاأدري لماذا لم ترد على رسالتي التي ارسلتها لك من فترة طويلة فهل لم تصل إليكم أم رددت ولم يصلني ردكم الكريم؟
ـ[المقرئ]ــــــــ[27 - 12 - 05, 09:07 م]ـ
شيخنا الودود: الحنبلي السلفي:
¥