تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

واستدل بعضهم بحديث غناء الجاريتين، وقد سبق الكلام عليه، لكن نسوق كلام ابن القيم رحمه الله لأنه قيم: (وأعجب من هذا استدلالكم على إباحة السماع المركب مما ذكرنا من الهيئة الاجتماعية بغناء بنتين صغيرتين دون البلوغ عند امرأة صبية في يوم عيد وفرح بأبيات من أبيات العرب في وصف الشجاعة والحروب ومكارم الأخلاق والشيم، فأين هذا من هذا، والعجيب أن هذا الحديث من أكبر الحجج عليهم، فإن الصديق الأكبر رضي الله عنه سمى ذلك مزمورا من مزامير الشيطان، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذه التسمية، ورخص فيه لجويريتين غير مكلفتين ولا مفسدة في إنشادهما ولاستماعهما، أفيدل هذا على إباحة ما تعملونه وتعلمونه من السماع المشتمل على ما لا يخفى؟! فسبحان الله كيف ضلت العقول والأفهام) (مدارج السالكين 1/ 493)، وقال ابن الجوزي رحمه الله: وقد كانت عائشة رضي الله عنها صغيرة في ذلك الوقت،و لم ينقل عنها بعد بلوغها وتحصيلها إلا ذم الغناء، قد كان ابن أخيها القاسم بن محمد يذم الغناء ويمنع من سماعه وقد أخذ العلم عنها. (تلبيس إبليس 229). وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (واستدل جماعة من الصوفية بحديث الباب - حديث الجاريتين - على إباحة الغناء وسماعه بآلة وبغير آلة، ويكفي في رد ذلك تصريح عائشة في الحديث الذي في الباب بعده بقولها " وليستا بمغنيتين "، فنفت عنهما بطريق المعنى ما أثبته لهما باللفظ .. فيقتصر على ما ورد فيه النص وقتا وكيفية تقليلا لمخالفة الأصل - أي الحديث - والله أعلم) (فتح الباري 2/ 442 - 443)

وقد تجرأ البعض بنسبة سماع الغناء إلى الصحابة والتابعين، وأنهم لم يروا به بأسا!!

قال الفوزان حفظه الله: (نحن نطالبه بإبراز الأسانيد الصحيحة إلى هؤلاء الصحابة والتابعين بإثبات ما نسبه إليهم)، ثم قال: (ذكر الإمام مسلم في مقدمة صحيحه عن عبد الله بن المبارك أنه قال: الإسناد من الدين، ولولا الإسناد لقال من شاء ما شاء).

وقال بعضهم أن جميع الأحاديث التي تحرم الغناء مثخنة بالجراح، لم يسلم منها حديث من طعن عند فقهاء الحديث وعلمائه!! قال ابن باز رحمه الله: (إن الأحاديث الواردة في تحريم الغناء ليست مثخنة بالجراح كما زعمت، بل منها ما هو في صحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله، ومنها الحسن ومنها الضعيف، وهي على كثرتها وتعدد مخارجها حجة ظاهرة وبرهان قاطع على تحريم الغناء والملاهي).

(وقد اتفق الأئمة على صحة أحاديث تحريم الغناء والمعازف إلا أبو حامد الغزالي، والغزالي ما عرف علم الحديث، وابن حزم، وبين الألباني رحمه الله خطأه أوضح بيان، وابن حزم نفسه قال أنه لو صح منها شيء لقال به، ولكن من في هذا الزمن ثبتت لديهم صحة ذلك لما تكاثر من كتب أهل العلم، وما تواتر عنهم من تصحيح هذه الأحاديث، ولكنهم أعرضوا عنه، فهم أشد من ابن حزم بكثير وليسوا مثله، فهم ليسوا متأهلين ولا رجعوا لهم)

وقال بعضهم أن الغناء حرمه العلماء لأنه اقترن بمجالس الخمر والسهر الحرام!

قال الشوكاني رحمه الله: (ويجاب بأن الاقتران لا يدل على أن المحرم هو الجمع فقط وإلا لزم أن الزنا المصرح به في الأحاديث لا يحرم إلا عند شرب الخمر واستعمال المعازف، واللازم باطل بالإجماع فالملزوم مثله. وأيضا يلزم مثل قوله تعالى: " إنه كان لا يؤمن بالله العظيم ولا يحض على طعام المسكين " أنه لا يحرم عدم الإيمان بالله إلا عند عدم الحض على طعام المسكين، فإن قيل إن تحريم مثل هذه الأمور المذكورة في الإلزام قد علم من دليل آخر، فيجاب بأن تحريم المعازف قد علم من دليل آخر أيضا كما سلف) (نيل الأوطار 8/ 107).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير