وقال بعضهم أن لهو الحديث ليس المقصود به الغناء، وقد سبق الرد على ذلك، قال القرطبي رحمه الله: (هذا - أي القول بأنه الغناء - أعلى ما قيل في هذه الآية وحلف على ذلك ابن مسعود بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أنه الغناء) ثم ذكر من قال بهذا من الأئمة، وذكر الأقوال الأخرى في ذلك ثم قال (القول الأول أولى ما قيل في هذا الباب للحديث المرفوع وقول الصحابة والتابعين فيه) (تفسير القرطبي)، وقال ابن القيم رحمه الله بعد أن ذكر هذا التفسير: (قال الحاكم أبو عبد الله في التفسير من كتاب المستدرك: ليعلم طالب هذا العلم أن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل عند الشيخين حديث مسند) وقال في موضع آخر من كتابه: (هو عندنا كحكم المرفوع)، وهذا وإن كان فيه نظر فلا ريب أنه أولى بالقبول من تفسير من بعدهم، فهم أعلم الأمة بمراد الله عز وجل في كتابه، فعليهم نزل وهم أول من خوطب به من الأمة، وقد شاهدوا التفسير من الرسول صلى الله عليه وسلم علما وعملا، وهم العرب الفصحاء على الحقيقة، فلا يعدل عن تفسيرهم ما وجد إليه سبيلا) (إغاثة اللهفان).
وقال بعضهم أن الغناء طاعة إذا كان المقصود به التقوي على طاعة الله!!!
قال ابن القيم رحمه الله: (ويا للعجب، إي إيمان ونور وبصيرة وهدى ومعرفة تحصل باستماع أبيات بألحان وتوقيعات لعل أكثرها قيلت فيما هو محرم يبغضه الله ورسوله ويعاقب عليه، ... فكيف يقع لمن له أدنى بصيرة وحياة قلب أن يتقرب إلى الله ويزداد إيمانا وقربا منه وكرامة عليه بالتذاذه بما هو بغيض إليه مقيت عنده يمقت قائله و الراضي به) (مدارج السالكين 1/ 485). قال شيخ الإسلام في بيان حال من اعتاد سمعه الغناء: (ولهذا يوجد من اعتاده واغتذى به لا يحن على سماع القرآن، ولا يفرح به، ولا يجد في سماع الآيات كما يجد في سماع الأبيات، بل إذا سمعوا القرآن سمعوه بقلوب لاهية وألسن لاغية، وإذا سمعوا المكاء والتصدية خشعت الأصوات وسكنت الحركات وأصغت القلوب) (مجموع الفتاوى 11/ 557 وما بعده).
ويروج بعضهم للموسيقى والمعازف بأنها ترقق القلوب والشعور، وتنمي العاطفة، وهذا ليس صحيحا، فهي مثيرات للشهوات والأهواء، ولو كانت تفعل ما قالوا لرققت قلوب الموسيقيين وهذبت أخلاقهم، وأكثرهم ممن نعلم انحرافهم وسوء سلوكهم.
خاتمة
لعله تبين من هذا المختصر - للمنصفين - أن القول بالإباحة ليس قولا معتبرا، وأنه ليس في هذه المسألة قولان، فتجب النصيحة بالحسنى ثم يتدرج في الإنكار لمن استطاع، ولا تغتر بشهرة رجل في زمن أصبح أهل الدين فيه غرباء، فإن من يقول بإباحة الغناء وآلات الطرب، إنما ينصر هوى الناس اليوم - وكأن العوام يفتون وهو يوقع! -، فإنهم إذا عرضت لهم مسألة نظروا في أقوال العلماء فيها، ثم أخذوا الأيسر - زعموا - ثم يبحثون عن أدلة، بل شبهات تتأرجح بين الموقوذة والمتردية والنطيحة! فكم شرع أمثال هؤلاء للناس بهذا التمويه أمورا باسم الشريعة الإسلامية يبرأ الإسلام منها.
فاحرص أخي أن تعرف إسلامك من كتاب ربك وسنة نبيك، ولا تقل: قال فلان؛ فإن الحق لا يعرف بالرجال، بل اعرف الحق تعرف الرجال، ولعل في هذا القدر كفاية لمن نبذ هواه وخضع لمولاه، ولعل ما سبق يشفي صدور قوم مؤمنين، ويطير وسواس قوم موسوسين، ويفضح كل معرض عن الوحي، متتبع للرخص، ظن أنه أتى بما لم يأت به الأوائل فتقول على الله بغير علم، وطلب الخروج من الفسق فوقع في البدعة - لا بارك الله فيه -، وقد كان خيرا له سبيل المؤمنين.
والله أعلم، وصلى الله وسلم وبارك على رسوله الذي وضح سبيل المؤمنين، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
ملخص رسالة الضرب بالنوى لمن أباح المعازف للهوى للشيخ سعد الدين بن محمد الكبي
وللاستزادة .. يمكن مراجعة:
كتاب الإعلام بنقد كتاب الحلال والحرام للشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان
وكتاب السماع لشيخ الإسلام ابن القيم
وكتاب تحريم آلات الطرب للشيخ محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله.
موقع الاسلام سوال وجواب فجل هذالبحث منه.
ـ[الطابتي]ــــــــ[28 - 12 - 05, 09:59 ص]ـ
قال الشيخ الفوزان حفظه الله: (ما أباحه ابراهيم بن سعد وعبيد الله العنبري من الغناء ليس هو كالغناء المعهود .. فحاشا هذين المذكورين أن يبيحا مثل هذا الغناء الذي هو غاية في الانحطاط ومنتى الرذالة) الإعلام.
ماهو هذا الغناء المباح؟؟؟
ـ[فاطمة الزهراء بنت العربي]ــــــــ[15 - 07 - 10, 05:07 ص]ـ
لرفع السؤال الاخير
بوركتم
ـ[ابونصرالمازري]ــــــــ[16 - 07 - 10, 12:09 ص]ـ
يشبه ان يكون سؤال هذه الاخت سؤال متحير في امر الغناء
على كل فجوابك هو ما لا معازف فيه و لا فحش ولا بذاء غير انهم أجازو بعض المعازف في الغناء في العرس فقط، وما كان فيه غزل ماجن او انتهاك حرمات او هجاء باطل بمعازف او غيرها فباطل ولا يجوز
ود قال الامام مالك رضي الله عنه (إنما يفعله المخنثين عندنا) يقصد المدينة المنورة