تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلت: وإذا عرفت هذا فلا يجوز التردد في قبول هذه الرخصة بعد ثبوت الحديث بها لأنه كما قال المؤلف فيما سبق: (وقد صح الحديث فليس إلا السمع والطاعة). لا سيما بعد جريان عمل الصحابة بها وفي مقدمتهم الخليفة الراشد علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما تقدم وهو مما ذهب إليه بعض الأئمة من السلف الصالح رضي الله عنهم أجمعين. فقد قال ابن حزم رحمه الله تعالى في (المحلى) (2/ 103).:

(مسألة: فإن كان الخفان مقطوعين تحت الكعبين فالمسح جائز عليهما وهو قول الأوزاعي روي عنه أنه قال: يمسح المحرم على الخفين المقطوعين تحت الكعبين. . . وقال غيره: لا يمسح عليهما إلا أن يكونا فوق الكعبين)

[87]

المسح على الجوربين [جزء 1 - صفحة 88]

2 - المسح على الخف أو الجورب المخرق

وأما المسح على الخف أو الجورب المخرق فقد اختلفوا فيه اختلافا كثيرا فأكثرهم يمنع منه على خلاف طويل بينهم تراه في مبسوطات الكتب الفقهية و (الملحى) وذهب غيرهم إلى الجواز وهو الذي نختاره. وحجتنا في ذلك أن الأصل الإباحة فمن منع واشترط السلامة من الخرق أو وضع له حدا فهو مردود لقوله صلى الله عليه وسلم:

(صحيح) (كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل) متفق عليه. وأيضا فقد صح عن الثوري أنه قال:

(امسح عليهما ما تعلقت به رجلك وهل كانت خفاف المهاجرين والأنصار إلا مخرقة مشققة مرقعة؟)

أخرجه عبد الرزاق في (المصنف) (753) ومن طريقه البيهقي (1/ 283)

وقال ابن حزم (2/ 100):

(فإن كان في الخفين أو فيما لبس على الرجلين خرق صغير أو كبير طولا أو عرضا فظهر منه شيء من القدم أقل القدم أو أكثرها أو كلاهما فكل ذلك سواء والمسح

[88]

على كل ذلك جائز ما دام يتعلق بالرجلين منهما شيء وهو قول سفيان الثوري وداود وأبي ثور وإسحاق بن راهويه ويزيد بن هارون)

ثم حكى أقوال العلماء المانعين منه على ما بينها من اختلاف وتعارض ثم رد عليها وبين أنها مما لا دليل عليها سوى الرأي وختم ذلك بقوله:

(لكن الحق في ذلك ما جاءت به السنة المبينة للقرآن من أن حكم القدمين اللتين ليس عليهما شيء ملبوس يمسح عليه أن يغسلا وحكمهما إذا كان عليهما شيء ملبوس أن يمسح على ذلك الشيء. بهذا جاءت السنة {وما كان ربك نسيا} (1) وقد علم رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أمر بالمسح على الخفين وما يلبس في الرجلين ومسح على الجوربين - أن من الخفاف والجوارب وغير ذلك مما يلبس على الرجلين المخرق خرقا فاحشا أو غير فاحش وغير المخرق والأحمر والأسود والأبيض والجديد والبالي فما خص عليه السلام بعض ذلك دون بعض ولو كان حكم ذلك في الدين يختلف لما أغفله الله تعالى أن يوحى به ولا أهمله رسول الله صلى الله عليه وسلم المفترض عليه البيان حاشا له من ذلك

المسح على الجوربين [جزء 1 - صفحة 89]

(1) مريم / 64

[89]

المسح على الجوربين [جزء 1 - صفحة 90]

فصح أن حكم ذلك المسح على كل حال والمسح لا يقتضي الاستيعاب في اللغة التي بها خوطبنا)

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في (اختياراته) (ص 13):

(ويجوز المسح على اللفائف في أحد الوجهين حكاه ابن تميم وغيره وعلى الخف المخرق ما دام اسمه باقيا والمشي فيه ممكنا وهو قديم قولي الشافعي واختيار أبي البركات وغيره من العلماء)

قلت: ونسبه الرافعي في (شرح الوجيز) (2/ 370) للأكثرية واحتج له بأن القول بامتناع المسح يضيق باب الرخصة فوجب أن يمسح. ولقد أصاب رحمه الله

[90]

المسح على الجوربين [جزء 1 - صفحة 91]

3 - خلع الممسوح عليه هل ينقض الوضوء

اختلف العلماء أيضا فيمن خلع الخف ونحوه بعد أن توضأ ومسح عليه على ثلاثة أقوال:

الأول: أن وضوءه صحيح ولا شيء عليه

الثاني: أن عليه غسل رجليه فقط

الثالث: أن عليه إعادة الوضوء

وبكل من هذه الأقوال قد قال به طائفة من السلف وقد أخرج الآثار عنهم بذلك عبد الرزاق في (المصنف) (1/ 210 / 809 - 813) وابن أبي شيبة (1/ 187 - 188) والبيهقي (1/ 289 - 290)

ولا شك أن القول الأول هو الأرجح لأنه المناسب لكون المسح رخصة وتيسيرا من الله والقول بغيره ينافي ذلك كما قال الرافعي في المسألة التي قبلها كما تقدم ويترجح على القولين الآخرين بمرجح آخر بل مرجحين:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير