تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الْمُبَارَكِ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَقَ قَالُوا لَا تَقْرَأْ الْحَائِضُ وَلَا الْجُنُبُ مِنْ الْقُرْآنِ شَيْئًا إِلَّا طَرَفَ الْآيَةِ وَالْحَرْفَ وَنَحْوَ ذَلِكَ وَرَخَّصُوا لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ فِي التَّسْبِيحِ وَالتَّهْلِيلِ فهذا حديث منكر لا تقوم به الحجة.

و الضعف في الحديث لا يعني جواز قراءة الجنب و الحائض للقرآن لأنه ثبت عدم الجواز بدليل آخر فقد قال المباركفوري في شرح الحديث: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن) أي لا القليل ولا الكثير، والحديث يدل على أنه لا يجوز للجنب ولا للحائض قراءة شيء من القرآن, وقد وردت أحاديث في تحريم قراءة القرآن للجنب, وفي كلها مقال, لكن تحصل القوة بانضمام بعضها إلى بعض ومجموعها يصلح لأن يتمسك بها؛ ويمكن أن نستدل بحديث رواه أصحاب السنن الأربعة من حديث عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ دَخَلْتُ عَلَى عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِي الْخَلَاءَ فَيَقْضِي الْحَاجَةَ ثُمَّ يَخْرُجُ فَيَأْكُلُ مَعَنَا الْخُبْزَ وَاللَّحْمَ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَلَا يَحْجُبُهُ وَرُبَّمَا قَالَ لَا يَحْجُزُهُ عَنْ الْقُرْآنِ شَيْءٌ إِلَّا الْجَنَابَةُ هذا لفظ ابن ماجه ويقارب هذا الفظ ما أخرجه النسائي وأبو داود والترمذي وبعضهم ضعف هذا الحديث والحق كما قال الحافظ: إنه من قبيل الحسن يصلح للحجة، وروي عن ابن المسيب وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأساً بقراءة الجنب القرآن, وأكثر العلماء على تحريمه انتهى. قلت: قول الأكثر هو الراجح يدل عليه حديث الباب والله تعالى أعلم.

فائدة: حكي عن مالك رحمه الله أنه قال تقرأ الحائض ولا يقرأ الجنب, لأن الحائض إن لم تقرأ نسيت القرآن لأن أيام الحيض تتطاول ومدة الجنابة لا تطول.

وحبذا لو وقفنا عند قول شيخ الإسلام التقي ابن تيمية رحمه الله حتى نستوضح وجهة نظره في مسألة قراءة الجنب و الحائض للقرآن فقال رحمه الله: وأما قراءة الجنب والحائض للقرآن فللعلماء فيه ثلاثة أقوال: قيل يجوز لهذا ولهذا وهو مذهب أبي حنيفة والمشهور من مذهب الشافعي وأحمد.

وقيل لا يجوز للجنب ويجوز للحائض إما مطلقاً أو إذا خافت النسيان وهو مذهب مالك وقول في مذهب أحمد وغيره فإن قراءة الحائض القرآن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم فيه شيء غير الحديث المروي عن إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر لا تقرأ الحائض ولا الجنب من القرآن شيئاً رواه أبو داود وغيره وهو حديث ضعيف باتفاق أهل المعرفة بالحديث وإسماعيل بن عياش ما يرويه عن الحجازيين أحاديث ضعيفة بخلاف روايته عن الشاميين ولم يرو هذا عن نافع أحد من الثقات ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه و آله و سلم ولم يكن ينههن عن قراءة القرآن كما لم يكن ينههن عن الذكر والدعاء بل أمر الحيض أن يخرجن يوم العيد فيكبرون بتكبير المسلمين وأمر الحائض أن تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت تلبي وهي حائض وكذلك بمزدلفة ومنى وغير ذلك من المشاعر و أما الجنب فلم يأمره أن يشهد العيد لا يصلي ولا أن يقضي شيئاً من المناسك لأن الجنب يمكنه أن يتطهر فلا عذر له في ترك الطهارة بخلاف الحائض فإن حدثها قائم لا يمكنها مع ذلك التطهر ولهذا ذكر العلماء ليس للجنب أن يقف بعرفة ومزدلفة ومنى حتى يطهر وإن كانت الطهارة ليست شرطاً في ذلك لكن المقصود أن الشارع أمر الحائض أمر إيجاب أو استحباب بذكر الله ودعائه مع كراهة ذلك للجنب فعلم أن الحائض يرخص لها فيما لا يرخص للجنب فيه لأجل العذر وإن كانت عدتها أغلظ فكذلك قراءة القرآن لم ينهها الشارع عن ذلك وإن قيل إنه نهي الجنب لأن الجنب يمكنه أن يتطهر ويقرأ بخلاف الحائض تبقى حائضاً أياماً فيفوتها قراءة القرآن تفويت عبادة تحتاج إليها مع عجزها عن الطهارة وليست القراءة كالصلاة فإن الصلاة يشترط لها الطهارة مع الحدث الأكبر والأصغر والقراءة تجوز مع الحدث الأصغر بالنص واتفاق الأئمة والصلاة يجب فيها استقبال القبلة واللباس واجتناب النجاسة والقراءة لا يجب فيها شيء من ذلك بل كان النبي صلى الله عليه و آله و سلم يضع رأسه في حجر عائشة

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير