تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

" قال أبو القاسم البغوي حدثني محمد بن علي الجوزجاني قال قلت لأبي عبد الله يعني أحمد بن حنبل سمع عبد الله من أبيه شيئا قال ما أدري عامة ما يروي عن بريدة عنه وضعف حديثه " كذا في تهذيب التهذيب لابن حجر، وفي نفس الصفحة: " قال إبراهيم الحربي: عبد الله أتم من سليمان- وهو أخوه - ولم يسمعا من أبيهما وفيما روى عبد الله عن أبيه أحاديث منكرة "، وقال ابن حجر في تتمة الكلام عن ابن بريدة ما نصه: " ويتعجب من الحاكم مع هذا القول في بن بريدة كيف يزعم أن سند حديثه من رواية حسين بن واقد عنه عن أبيه أصح الأسانيد لأهل مرو؟! ". وفي التعديل والتجريح لأبي الوليد الباجي ما نصه: " وقد قال - أي البخاري - لم يذكر سماعا من أبيه، فلعله ترك أن يخرج عنه لذلك ".

- الطريق الثالث: ابن بريدة عن النبي عليه الصلاة والسلام وهو مرسل ليس فيه ذكر صحابي كما هو ظاهر.

هذا بالنسبة لسند الحديث أما متنه فقد روي بصيغتين:

- الأولى: .... قال فجعل الأمر إليها فقالت قد أجزت ما صنع أبي ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس إلى الآباء من الأمر شيء.

- الثانية: ...... جعل أمرها إليها فلما رأت أن الأمر قد جعل إليها قالت إني قد أجزت ما صنع والدي إنما أردت أن أعلم هل للنساء من الأمر شيء أم لا.

ففي الصيغة الأولى أرادت أن تعلم النساء أنه ليس للآباء من الأمر شيء. والصيغة الثانية أرادت أن تعلم النساء أنهن لهن شيء في قضية الزواج.

واتفقت الصيغتان على عبارة: ليرفع بي خسيسته. و الخساسة هنا بمعنى الفقر والحقارة كما قال السيوطي في شرح سنن ابن ماجة وقد يكون عائدا على الأب أو الزوج، وقال السندي في شرحه لسنن النسائي: ليرفع بي أي ليزيل عنه بانكاحي إياه خسيسته دناءته أي أنه خسيس فأراد أن يجعله بي عزيزا. فلو فرضنا صحة الحديث وهو ضعيف كما بينت فالحديث ينحصر في عبارتين:

- زوجني من ابن أخيه

- ليرفع بي خسيسته.

فهاتان العبارتان تبينان انه أراد تزويجها وهي كارهة ومن غير كفؤها، وانظر معي لفهم من سلف من علماء هذه الأمة فقد وضع النسائي في سننه هذا الحديث في باب: البكر يزوجها أبوها وهي كارهة، ووضعه أيضا في السنن الكبرى تحت باب: النهي عن أن تنكح البكر حتى تستأذن والثيب حتى تستأمر، ووضعه ابن ماجة تحت باب: من زوج ابنته وهي كارهة، ووضعه عبد الرزاق في مصنفه تحت باب: ما يكره عليه من النكاح فلا يجوز، وقال الزيلعي في نصب الراية: قال البيهقي هذا مرسل بن بريدة لم يسمع من عائشة وإن صح فإنما جعل الأمر إليها لوضعها في غير كفء، وقال في نفس الصفحة: قال ابن الجوزي وجمهور الأحاديث في ذلك محمول على أنه زوج

من غير كفء، وقال الأمير صاحب سبل السلام: والمراد بنفي الأمر عن الآباء نفي التزويج للكراهة لأن السياق في ذلك فلا يقال هو عام لكل شيء، قلت والنفي أيضا يشمل التزويج من غير الكفء كما تدل عليه كلمة خسيسته، وقال ابن قدامة في المغني: فوضعها في كفاءة يدل على أنه إذا زوجها من غير كفء فنكاحها باطل، وقال الشوكاني في النيل: إنما ذكر المصنف حديث بريدة هاهنا لقولها فيه ليرفع بي خسيسته فإن ذلك مشعر بأنه غير كفوء لها.

وعلى هذا الكلام نتبين أن مراد المرأة أن تقول بأنه ليس للآباء من الأمر شيء إذا كان الزواج فيه إكراه أو من غير كفء وأن للنساء شيء في رفضهن الإكراه على الزواج ورفضهن الزوج الغير كفء وبهذا يجمع بين الصيغتين أما أن يفهم منه عدم اعتبار وجوب الولي في النكاح فهذا بعيد كل البعد عن مقصود الحديث والله أعلم وأحكم. بقي أن أشير إلى العلامة الألباني رحمه الله ضعف هذا الحديث فقال في تحقيقه لسنن ابن ماجة والنسائي: حديث ضعيف شاذ، وضعفه كذلك العلامة شعيب الأرناؤط في تحقيقه لمسند الإمام أحمد. وأما حديث وجوب الولي سأعلق عليه لاحقا.

معاذ فراج


والحمد لله رب العالمين

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير