تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثالثا – فتوى الشيخ الفوزان التي أوردها أخي الشيخ ابن وهب تعقبا لما أوردته من أدلة الحرمة، و جاء فيها

(في فتاوي الفوزان

ـ لدينا مريض بالكلى وقرر له زراعة كلى وقد طلب شخص مقابل كليته مبلغ 50 الف ريال، فهل هذا جائز؟

تجوز زراعة الكلية لمن اضطر اليها اذا تيسرت بطريقة مباحة، ولا يجوز للانسان ان يبيع كليته او عضوًا من اعضائه لانه قد جاء الوعيد في حق من باع حرًا فاكل ثمنه (6) وبيع العضو يدخل في ذلك لان الإنسان لا يملك جسمه واعضاءه. ولئلا يكون ذلك وسيلة الى المتاجرة بالأعضاء - هذا الذي يظهر لي. ولئلا يؤدي ذلك الى الاعتداء على الضعفة من الناس وسرقة كلاهم طمعًا في المال.).

فهؤلاء أفتوا بالإباحة بدعوى الضرورة،لا بغيرها. وهذا يقتضي أنه فعل محرم شرعا، و إنما أبيح لمنزلة الضرورة، فيرفع الإثم،و ترتفع المؤاخذة، ولكن لا ثواب، على ماهو معلوم فقها.

- هذا، ولم يبين أي من هؤلاء المبيحين وجه الحرمة لتلك الزراعة للأعضاءلمن اضطر إليها، والقطع من الجسد ليس علة التحريم عند الشيخ الفوزان – لأنه أباح التبرع – و إنما الثمنية،و الثمنية ليست علة التحريم،"لأن الأثمان لا تحرم بأعيانها، و إنما تحرم بجهاتها "، كما قال الإمام القرطبي في تفسيره، و الحديث المحتج به لا حجة فيه فيما اعتلوا به.

والذي يجمعنا معهم هو الاتفاق على أصل حرمة النقل و الزراعة للأعضاء الآدمية، وهذا الفعل ينطوي على ثلاثة أوجه للحرمة،فيما أرى، هي:

الأول: القطع من الجسد السليم و انتهاك حرمته، من غير عذر معتبر شرعا.

الثاني:الانتفاع بأجزاء الآدمي، المحرم شرعا.

الثالث: اختلاط الأنساب بين المأخوذ منه العضو و بين المزروع فيه ذلك العضو.

- (3)

وسأتناول الوجه الثالث بالبيان، وهو ما أحسبه غائبا عن كل أو جل من أفتوا بالحل، ومجمل القول فيه أن:

أعضاء الجسد أصلها الماء – ماء الرجل و ماء المرأة -؛ لقوله تعالى: {ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً}. [المؤمنون:14]، وزرع عضو من جسد غريب في الجسد خلط للأنساب، على غير وجه الشرع؛ فلا يجوز:

غفل المرخصون في زرع الأعضاء أو تغافلوا عن الاحتياط للشرع من جهة اختلاط الأنساب، وصحيح أنهم اشترطوا في تلك الإباحة " ألا يكون العضو المنقول مؤدياً إلى اختلاط الأنساب" (الشيخ طنطاوي،الأهرام 15/ 1/1992). بل وأوجبوا ذلك؛ فقالوا " كما يجب أيضا أن يكون العضو المنقول لا يؤدي إلى اختلاط الأنساب "، إلا أنهم قيدوا ذلك وقصروه على أعضاء التناسل وجهازه؛ فقالوا " بعدم جواز نقل الأعضاء التناسلية شرعاً لأي سبب من الأسباب"، (د. واصل،المفتي الأسبق في مصر، الأهرام،5/ 6/1997م)، وهذا صحيح بلا ريب، ولكن قصره على تلك الأعضاء غير صحيح، فنقل أي عضو من أعضاء التناسل يؤدي إلى خلط نسب المنقول إليه ذلك العضو و كذا المولود ونسب صاحب عضو التناسل المنقول، بينما نقل أي عضو آخر يؤدي إلى خلط نسب المنقول إليه ونسب المنقول منه هذا العضو؛ فمما لا شك فيه أن الجسد - وأعضاءه - أصله الماء، والمراد أصله في الخلقة والنشأة، وكذا أصله الذي يلتحق بحكمه، وهذا مرتبط بالأول ومترتب عليه، والمراد بالماء هنا ماء الرجل والمرأة، ولا يخفى ذلك؛ فأما أن الجسد – والأعضاء -؛ فلقوله تعالى: {ألم نخلقكم من ماء مهين}، وقوله: {ولقد خلفنا الإنسان من سلالة من طين *ثم جعلناه نطفة في قرار مكين * ثم خلقنا النطفة علقة فخلفنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاماً فكسونا العظام لحماً ثم أنشأناه خلقاً آخر فتبارك الله أحسن الخالقين}. [سورة المؤمنون:12و13و 14].

وهذا تفصيله في مشاركة تالية إن شاء الله تعالى

كتبه

د. أبو بكر عبد الستار خليل


التجيبي19 - 08 - 2005, 10:06 PM
جزاك الله خيرا على هذا النقل الطيب

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير