تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يظهر من خلال استعراض الأقوال أن الأطباء لا يقبلون بأن ثمة حمل يمتد لسنة فضلاً عن سنوات طويلة، أما الفقهاء الذين تعددت آراؤهم في المسألة فبنوا على ما توارد على أسماعهم وما بلغهم عن نساء امتد عندهن الحمل لفترات طويلة، وثمرة الخلاف تظهر في إثبات النسب للزوج المتوفى أو المطلق، وكذلك الإلزام بالنفقة عند من يقول به والميراث للطفل المولود، ولزوم العدة للمرأة وإقامة حد الزنا وغيرها من الأحكام الهامة.

وبالتأمل في الأقوال السابقة يظهر لي أن أقصى مدة الحمل التي تبنى عليها الأحكام الشرعية هي المدة المعهودة تسعة اشهر والتي قد تزيد أسابيع محدودة كما هو الواقع أما المدد الطويلة فهي نادرة والقاعدة الفقهية أن "الاحتمالات النادرة لا يلتفت إليها" والقاعدة "العبرة بالغالب والنادر لا حكم له " (44) والواقع المعاصر يبدد وهم القائلين بامتداد حمل امتد لسنوات حيث يولد في العام الواحد عشرات الملايين من البشر ولو قدر وجود أمثال هذا الحمل لتناقلة وسائل الإعلام والأطباء حيث أنهم يهتمون بنقل ما هو اقل من هذا الحدث بكثير وقد اختار هذا الرأي عامة الباحثين المعاصرين الذين تناولوا هذه المسألة بينما ترك البعض المسألة بدون ترجيح كالباحثة ليلى أبو العلا في رسالة الدكتوراه. وقد استبعد ابن رشد الحفيد امتداد الحمل لسنين حيث قال: " وهذه المسألة مرجوع فيها إلى العادة والتجربة، وقول ابن عبدالحكم والظاهرية هو أقرب إلى المعتاد والحكم إنما يجب أن يكون بالمعتاد لا بالنادر ولعله أن يكون مستحيلا " ولا يعني هذا القطع بنفي وقوع حمل امتد طويلا مع كونه نادر جداً وذلك للأمور التالية:

1 – أن عامة الباحثين المعاصرين لم يتطرقوا لخبر ابن صياد والذي ثبت أنه ولد لسنة ففي حديث أبي ذر رضي الله عنه قال: لأن أحلف عشر مرارًا أن ابن صائد هو الدجال أحب إلي من أن أحلف مرة واحدة أنه ليس به، قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني إلى أمه، سلها كم حملت، قال فأتيتها فسألتها فقالت: حملت به اثني عشر شهرا، قال ثم أرسلني إليها فقال: سلها عن صيحته حين وقع. قال: فرجعت إليها فسألتها فقالت: صاح صيحة الصبي ابن شهر " (45).

وقد يقال بأن ابن صياد هو الدجال وليس كعامة الناس، لكن عامة العلماء على أن الدجال غير ابن صياد فقد دخل مكة والمدينة وله ابن من التابعين الأجلاء الذي روى بعض الأحاديث ومن الثابت أن الدجال لا يولد له (46) ولا يدخل مكة والمدينة إنما كان الرسول r وبعض الصحابة كانوا يشكون في أمره وكان فيه شيء من تلبس الجان.

2 – ذكرت صحيفة (المحقق الطبي) الأمريكية في 27 ديسمبر 1884م امرأة دام حملها 15شهراً و 20 يوماً، وورد في مجلة (تاريخ الأكاديمية) الفرنسية ذكر حمل دام 36 شهراً أي ثلاث سنين (47).

فهذه أخبار منقولة عن مجلة طبية من جهة طبيب معاصر، وقد سألت الشيخ عبد المجيد الزنداني – واضع أسس علم الإعجاز العلمي في القران والسنة _ في 4/ 4/1422هـ الموافق 26/ 6 / 2001م بمكة عن ما جاء في كتب الفقهاء من امتداد فترة الحمل لسنين فأخبرني أنه سأل طبيبًا عالميًا مختصًا في علم الأجنة بكندا وذكر الطبيب أن هذا التأخر يرجع إلى مدى استعداد جهاز المناعة للطفل ولم يرفض مبدأ تأخر الحمل.

3 - وجود الشواذ في الخلق مقطوع به فقد ثبت ولادة سبعة توائم في بطن واحد بخلاف المعهود، ووجود أطفال ولدوا برأسين، وغير ذلك كثير مما هو نادر وواقع، ولا يمتنع أن توجد على جهة الشذوذ مشيمة لها قدرة على إمداد الطفل لفترة طويلة على غير المعهود كما هو حال المعمرين في هذا الزمان والذين تجاوز أعمار البعض قرن ونصف من الزمان.

4 - حدثني الشيخ الدكتور بكر أبو زيد أنه ثبت لديه حين كان قاضياً بالمدينة حمل دام أربع سنين، وأن الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي عام السعودية – رحمه الله – ثبت لديه حمل دام سبع سنين حين كان يشغل منصب القضاء وحين أورد ذلك على الأطباء في مناقشات مجمع الفقه الإسلامي بالرابطة حاروا في الجواب (38).

فإذا أضفنا هذه الأخبار المعاصرة لما ورد في كتب الفقه والتاريخ من وجود نساء حملن لمدد طويلة أفادت هذه الأخبار وجود هذا النوع من الحمل وإن كان شاذاً ونادراً (49).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير