وقال ابن حجر الهيثمي:"النامصة التي تنقش الحاجب حتى ترقه، كذا قال أبو داود والأشهر، ما قاله الخطابي، وغيره، أنه من النمص، وهو نتف شعر الوجه" (30).
وفي حاشية العدوي:
"وما ذكرناه من تفسير النامصة عن أبي داود، وقد قال بعض شراح المصنف:
وفسرها عياض، ومن وافقه، بأنها التي تنتف الشعر من الوجه، والأول يقضي جواز نتف شعر ما عدا الحاجبين من الوجه، وتفسير عياض يقتضي خلاف ذلك" (31).
وقد أشار الحافظ ابن حجر إلى تضعيف القول بقصر النمص على شعر الحاجب
قال الحافظ: "النماص: إزالة شعر الوجه بالمنقاش، .... ويقال: إن النماص يختص بإزالة شعر الحاجبين لترفيعهما أو تسويتهما". (32)
فقوله: "ويقال" فيه إشارة إلى تضعيف هذا القول كما لا يخفى.
والخلاصة:
أن الراجح دليلاً قول جمهور أهل العلم أن النمص لا يختص بإزالة شعر الحاجب بل يشمل مع ذلك إزالة شعر الوجه، والله _تعالى_ أعلم.
فيكون النمص ـ بناءً على ما سبق ـ: نتف شعر الوجه أو الحاجب.
حكم النمص:
النمص بمعناه المتقدم محرم، دلت السنة على ذلك، دلالة صريحة.
فقد أخرج البخاري من طريق علقمة، عن عبد الله، قال: لعن الله الواشمات، والموتشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن، المغيرات خلق الله، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، فجاءت، فقالت: إنه بلغني عنك أنك لعنت كيت وكيت، فقال: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله _صلى الله عليه وسلم_، ومن هو في كتاب الله، فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين، فما وجدت فيه ما تقول، قال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت: "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا". قالت: بلى، قال: فإنه قد نهى عنه، قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه، قال: فاذهبي فانظري، فذهبت فنظرت، فلم تر من حاجتها شيئا، فقال: لو كانت كذلك ما جامعتها" (33).
فهذا النص صريح في التحريم، إذ دلالة اللعن على التحريم صريحة، بل تفيد أنه من الكبائر.
المسألة الثانية حكم التشقير:
قبل أن أتكلم عن حكم التشقير أحب أن أحرر محل البحث (34):
للتشقير ثلاثة أنواع (35):
النوع الأول:
صبغ جميع شعر الحاجب، بلون غير لونه الأصلي، وغالباً ما يكون موافقاً للون الشعر، فهذا خارج محل البحث، والأظهر جوازه، إذ لا يوجد دليل على المنع، وعلى كل حال ليس هو محل البحث.
النوع الثاني:
صبغ طرفي الحاجب (الأعلى والأسفل)، بحيث يظهر الحاجب دقيقا رقيقا؛ لأن الطرف السفلي، والعلوي، أصبح غير ظاهر، بسبب الصبغ بلون يشبه لون الجلد.
النوع الثالث:
صبغ كامل الحاجب بلون يشبه لون الجلد، ثم يرسم عليه بالقلم حاجبا رقيقا دقيقا.
فالنوع الثاني، والثالث، هما محل البحث.
وقد اختلف أهل العلم المعاصرون في هذه المسألة على قولين:
القول الأول:
أن التشقير بهذه الصفة لا يجوز، وبهذا القول أخذت اللجنة الدائمة.
وفيما يلي نص السؤال والجواب:
السؤال/ " انتشر في الآونة الأخيرة بين أوساط النساء ظاهرة تشقير الحاجبين، بحيث يكون هذا التشقير من فوق الحاجب، ومن تحته، بشكل يشابه بصورة مطابقة للنمص، من ترقيق الحاجبين، ولا يخفى أن هذه الظاهرة جاءت تقليدا للغرب، وأيضا خطورة هذه المادة المشقرة للشعر من الناحية الطبية، والضرر الحاصل له، فما حكم الشرع في مثل هذا الفعل؟
الجواب/ بعد دراسة اللجنة للاستفتاء أجابت:
"بأن تشقير أعلى الحاجبين وأسفلهما بالطريقة المذكورة: لا يجوز؛ لما في ذلك من تغيير خلق الله _سبحانه_ ولمشابهته للنمص المحرم شرعا، حيث إنه في معناه، ويزداد الأمر حرمة إذا كان ذلك الفعل تقليدا وتشبها بالكفار، أو كان في استعماله ضرر على الجسم، أو الشعر؛ لقول الله _تعالى_: " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة"، وقوله _صلى الله عليه وسلم_: " لا ضرر ولا ضرار "، وبالله التوفيق." ا. هـ
القول الثاني:
أن التشقير بهذه الصفة يجوز، وبهذا القول أخذ شيخنا محمد العثيمين -رحمه الله - وغيره.
ويستدل أصحاب هذا القول بأن الأصل في تجمل المرأة الجواز.
والأقرب للصواب والله أعلم أنه محرم، ويدل على رجحان هذا القول ثلاثة أدلة:
الدليل الأول:
أن التشقير بمعنى النمص المنهي عنه وفيما يلي شرح ذلك:
أفاد النص الوارد في النمص، أن التحريم سببه تغيير خلق الله، طلباً للحسن.
وهذه العلة تعد علة منصوصاً عليها.
قال النووي:
¥