تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[الإقتصاد الإسلامي بين الشيوعية والرأسمالية. للشيخ محمد المنتصر الكتاني]

ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[14 - 02 - 06, 07:50 م]ـ

هذه محاضرة بعنوان "الاقتصاد الإسلامي بين الشيوعية والرأسمالية" لجدنا الإمام الشريف محمد المنتصر بالله بن محمد الزمزمي الكتاني المتوفى رحمه الله تعالى عام 1419، كان ألقاها في السبعينات الميلادية بالمدينة المنورة ارتجالا، وفرغتها في الأوراق، ثم أحب إتحاف المختصين بها.

على أن للجد رحمه الله كتابا كبيار بعنوان: "الأموال-مداخيلها مصاريفها في الدولة الإسلامية"، فيه بضع وستون فصلا، يسر الله نشره، كما تحدث بإسهاب عن الأرض في الإسلام، والمعادن في الإسلام، والملكية في الإسلام في كتابه نظام الدولة الإسلامية المسمى: "فتية طارق والغافقي". وسأنزل الشريط الصوتي بعد تمام نشر المحاضرة بإذنه تعالى:

بسم الله الرحمن الرحيم

محاضرة لجدنا الإمام الشيخ محمد المنتصر بالله الكتاني – رحمه الله تعالى – تحت عنوان:

الاقتصاد الإسلامي بين الشيوعية والرأسمالية

بسم الله الرحمن الرحيم، وصلوات الله وسلامه على سيدنا محمد فخر العالم، وسيد العرب والعجم، وعلى آله وصحبه وسلم.

موضوع كلمتنا اليوم: الاقتصاد الإسلامي بين الشيوعية والرأسمالية. موضوعنا اليوم هو مشكلة العصر، مشكلة الدول والشعوب، باسمه قامت مذابح وحروب، وباسمه سادت أمم وشعوب، وذلت أخرى.

وفي الميدان اليوم مذهبان يتصارعان، وكأنه ليس في العالم غيرهما: الشيوعية والرأسمالية. وكلا المذهبين عندما ظهرا على وجه البسيطة زادت الفتن والحروب، وانتشر الفساد بين الناس.

وللإسلام رأي، وللإسلام نظام، وللإسلام كلمة في الموضوع، حكم الدنيا ألف سنة أو تزيد، وكان حكمه بمذهبه بنظامه، بردا وسلاما على الناس.

النظام الاقتصادي في الإسلام نظام قائم بنفسه، لا شيوعي ولا رأسمالي، ولقد كان قبل الإسلام لا يوجد للشيوعية اسم، ولا لصاحبها ذكر، وقبل أن يذكر ذلك بألف وثلاثمائة عام.

ولقد كان النظام الاقتصادي في الأرض، النظام الإسلامي، قبل أن يكون للرأسمالية ذكر أو اسم، فضلا عن الحكم أو رواج بين الناس.

فمن قال عن النظام الإسلامي الاقتصادي: رأسمالي. ضل وأضل، وزاغ عن الطريق السوي.

ومن يقل عن النظام الإسلامي: شيوعي أو اشتراكي؛ ضل وأضل، وزاغ عن الطريق السوي، ونبا الحق، وظلم الناس لإبعادهم وعدم إبلاغهم هذا الحق.

الاقتصاد الإسلامي جمع من المحاسن المدعاة في الشيوعية، ومن المحاسن المدعاة في الرأسمالية، ما كان رائعا مجربا مدربا، حكمت به شعوب وأمم في مشارق الأرض ومغاربها، فعزت وسادت، وأصلحت وأغنت، وقضت على البؤس والفقر والحاجة بين الناس.

ما تدعيه الشيوعية من عناية بالفقير والمسكين، بالعامل والفلاح، هي دعوى واقع الحال في ذلك لم يكن صحيحا.

العامل والفلاح ابتُز وصار آلة للدولة تبتز به، وتكسب به، وتسيطر بواسطته دون أن يكون له كرامة أو إرادة أو اعتبار.

والمال أخذته الدولة باسم الشعب، فالشعب ازداد فقرا وبؤسا، والدولة ازدادت به تسلطا وتجبرا، ولا شيء أكثر من ذلك.

الإسلام اعتنى بالفقير، واعتنى بالعامل، واعتنى بالفلاح، اعتنى بمعاني أخرى لا نجد لها في قواميس الشيوعية ذكرا.

اعتنى بالأرملة، اعتنى بالمزمن العاجز، اعتنى باليتامى، اعتنى بكل أفراد الأمة، جعل لها رواتب ونفقات في جيوب الناس الأغنياء، وفي بيت مال المسلمين تؤدي لهم حقا من حقوقهم، وتؤدي لهم مالا من مالهم، دون من، ودون أن يُذكر في ذلك يد أو جميل لأحد من الناس، أو جماعة من الجماعات.

الرأسمالية تدعي أنها تحرص على المبادهة والمنافسة واستغلال قوى النبوغ والعبقرية في الأرض، فكانت النتيجة تسلط الفرد على الجماعات، فأخذ الأرض والمال، وساد بها على الملايين من الناس.

فجمعت الأموال في يد واحدة، فتسلطت على الملايين فقادتها مع الحكم، حيث مصلحتها ونزوتها وهواها، ولا شئ سوى ذلك، وبقي الشعب ضائقا فقيرا محتاجا.

الاقتصاد في الإسلام كما اعتنى بالفرد في ماله، غنيا وفقيرا، في نفسه عاملا وعاجزا، في مستقبله وفي حاضره؛ لم ينس الجماعة ولم ينس حقها. فكما عني بالفرد عني بالجماعة، فلا فرد أضر ولا جماعة تسلطت.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير