ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[17 - 02 - 06, 07:16 م]ـ
الأرض – وهي موضع خلاف بين الناس – الشيوعية صادرتها دون كلام، الرأسمالية تجمعت في يد البعض منها الآلاف المؤلفة من الأميال، من الهكتارات، واحتكرتها دون الناس.
الإسلام جعل الأمر في ذلك وسطا: أرض أسلم عليها أهلها، فجعلها لأهلها.
أرض صولح عليها؛ فجعل الناس فيها وما اصطلحوا عليه.
أرض أخذت غلابا؛ فهي للناس كلهم، على أن يطبق فيها الخراج؛ ثلث للأرض، وثلث للعمل، وثلث للزرع.
فالأرض تعطى للزارع يأخذ مقابل زرعه الثلث، والعامل يأخذ مقابل عمله الثلث، ويبقى ثلث الأرض للدولة؛ فإن الدولة زرعتها من مالها، وإنما من أشرف عليها كان عاملا.
فيبقى الثلثان للدولة، لمصالحها، لإداراتها، لجيوشها، لبلدياتها، ولما تقوم عليه البلاد. أما الضرائب؛ فلا.
المعادن ملك مشترك للمسلمين، لا يمتاز به شعب من شعوبهم، ولا جماعة من جماعاتهم، لدينهم، للجهاد في سبيله، لمصالح الفقراء والمساكين، لا لأخذ أفراد له ونذهب للآخرين، ونستلف ونفرق الدول والأمم والشعوب بالديون، حتى تصبح الأمة وتصبح الدولة وتصبح الأرض مستغرقة ديونا. لمن؟، للمستعمر العدو، لمن يتربص الدوائر بأرض المسلمين.
وبذلك المذهب الحق في الأرض أيضا، حتى التي تملك، المالك يملك ظاهرها وسطحها، أما ما في باطنها من معادن – إن وجدت – فهو ملك مشترك للمسلمين.
ما موقف المذاهب الأخرى في الأرض؟، الشيوعية أخذتها لصالح الدولة، زعما أنها للشعب لم يكن كذلك، فلقد مات في سبيل الشيوعية أكثر من ستين مليونا ولا يزال يقال عنها شيوعية أو اشتراكية. وما الاشتراكية إلا الأبجدية للشيوعية، إلا المدرسة الابتدائية، رياض الأطفال. ابتدأت بالاشتراكية وتنتهي إلى ماركس ولينين.
المعادن: الرأسمالية ملكتها لليد الواحدة، فتجد في الدولة شخصا واحدا تسلط عليها وعلى الشعب وعلى الناس، أخذ مالا يحق له فيه، واستعبد من أجله الناس.
الشيوعية أخذت المعادن وتصرفت فيها حسب مصلحة هذه الجماعة، أو الفرد المتسلط.
المَرافق: ويعني بالمرافق: ما يرتفق به الناس، كالشوارع العامة، كالأجواء، كالبحار، جعل الشارع في الطريق سبعة أذرع ملكا مشتركا للناس، جعل الآبار مصالحها للناس، جعل الأنهر والبحار مصالحها للناس.
ويجمع هذا الحديث الصحيح الثابت في السنن وبعض الصحاح، عن جماعة من الصحابة: "المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار والملح – أي: المعدن". بصيغة عامة: المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء، أي ماء؛ ماء البحار، ماء العيون، ماء الأنهر، ماء الآبار، وليس لمن نبع الماء في أرضه إلا حق السقي والأولية والشفة فيه، وليس له أن يمنع غيره لا للشفة لنفسه ولا للدابة ولا لعموم الناس. لأن الشارع حرم بيع الماء، وحرم الاتجار بالماء؛ لأن الماء كثرته والارتفاق به جعله الشارع حقا للجميع.
"المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء، والنار ... "، النار: الغابات، الأحطاب، النفط، المياه المحترقة (الوقود، والبترول)، لأنه معدن هو ملك مشترك، لأنه نار هو ملك مشترك.
"المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والنار، والكلأ والملح" أي: المعادن. وهو الملح هنا. كالحديث السابق، حديث أبجر بن حمال المروي في أبي داود والحاكم وباقي السنن.
المرافق مثلا، هذه مصدر الثروة للدولة الكبيرة جدا، أقرب مثال: الطرق العامة، هذه الشوارع والمواصلات في المدن الداخلية، وفي الخارج لمن يحق له في أن يستفيد ويستغل السفر على هذه الطريق بالسيارات أو القطر، أو السفن أو الطائرات.
زيد من الناس؛ لا ليست الأرض خاصة به، ولا الجو خاصا به، ولا البحر خاصا به، لعموم الناس.
نعم؛ هو حق ولكن الفوضى لا تقبل، والإسلام نظامي. ولقد قال أبو بكر الصديق لخالد بن الوليد حين أرسله قائدا عاما في حروب الردة، قال له: "يا خالد؛ إن لله عملا في الليل لا يقبله في النهار، وإن لله عملا في النهار لا يقبله في الليل"، كالصلاة الموقوتة، صلاة الظهر في وقتها؛ فإن خرجت لا تعتبر أداء وإنما قضاء، وفي بعض المذاهب لا تقبل وتبقى سنة في حسابه، إن شاء الله عفا وإن شاء الله حاسبه عليها حسابا عسيرا.
¥