[اخراج القيمة في الزكاة خلاف معتبر]
ـ[أبو عيسى الحنبلى]ــــــــ[28 - 03 - 06, 01:03 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد
فإن الكثير من علماء الأزهر قد قالوا بجواز إخراج القيمة في زكاة الفطر وغيرها من الصدقات الواجبة، وبسبب هذه الفتوى تعرضوا لكثير من المقالات من بعض طلبة العلم والمشايخ الفضلاء فالبعض يقول هذا، إحداث في الدين والبعض يقول هذا تعدي على الشرع وهذا ينتقض وهذا يجرح وهذا يسب إلى أخره من الكلام على العلماء القائلين بالجواز في هذه المسألة.
قلت: إنما يكون الإنكار في المتفق عليه وليس في المختلف فيه , وما وسع السلف الخلاف فيه يسعنا كذلك فهم أعلم وأحكم , وأقول إن هؤلاء المحدثين في الدين والمتعدين على الشرع هم أئمة علماء أجلاء من علماء السنة فينبغي قبل الكلام بالتبديع وغيره التثبت من الكلام ومعرفة أقوال السادة العلماء والفقهاء في المسألة فما وسعهم يسعنا والله المستعان وبعد فالقول بالجواز في هذه المسألة قديم وليس بمحدث ومن ذلك:-
1 - إن هذا القول هو قول السادة الحنفية وهم من هم في الفكر الإسلامي فقد جاء في الهداية لأبي بكر المرغيناني ما نصه (ويجوز دفع القيمة عندنا وكذا في الكفارات وصدقة الفطر والنذر، وقال الشافعي رحمه الله لا يجوز إتباعاً للمنصوص كما في الهدايا والضحايا ولنا أن الأمر بالأداء إلى الفقير إيصال للرزق الموعود إليه , فيكون إبطالاً لقيد الشاة فصار كالجزية , بخلاف الهدايا لأن القربة فيها إراقة الدم وهولا يعقل، ووجه القربة في المتنازع فيه هو سد خلة الفقير وهو معقول أ. ه)
2 - هذا القول هو الرواية الثانية في مذهب الحنابلة قال مجد الدين رحمه الله في المحرر (ولا يجزئ إخراج القيمة في الزكاة. وعنه: يجزئ وعنه لا يجزئ إلا إخراج أحد النقدين عن الآخر أ. ه)
قلت وهذه الرواية الثانية هي اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما جاء في مجموع الفتاوى.
3 - والقول بجواز إخراج القيمة هو مذهب أبو عبد الله البخاري:-
جاء في الصحيح: باب العرض في الزكاة
وقال طاووس قال معاذ رضي الله عنه لأهل اليمن ائتوني بعرض ثياب خميص أو لبيس في الصدقة مكان الشعير والذرة، أهون عليكم، وخير لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (وأما خالد فقد احتبس أدراعه وأعتده في سبيل الله).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (تصدقن ولو من حليكن) فلم يستثني صدقة الفرض من غيرها. فجعلت المرأة تلقي خرصها وسخابها. ولم يخص الذهب والفضة من العروض.
ثم ساق الأحاديث ومما يؤيد هذا الفهم هو قول الحافظ بن حجر في الفتح:-
(باب العرض في الزكاة) أي جواز أخد العرض، وهو بفتح المهملة وسكون الراء بعدها معجمة، والمراد به ما عدا النقدين. قال ابن رشيد: وافق البخاري في هذه المسألة الحنفية مع كثرة مخالفته لهم، لكن قاده إلى ذلك الدليل وقد أجاب الجمهور عن قصة معاذ والأحاديث ... إلخ كلامه.
قلت فهذه هي مذاهب العلماء في جواز دفع القيمة في الزكاة في حد علمي، ولم نسمع عن أحد من المخالفين لهم أنه اتهمهم بالبدعة أو الحدث في الدين كما هو موجود في هذا الزمان، والله المستعان، والمقصود من هذا أن نتعامل مع كلام العلماء بنوع من الأدب وحسن الظن بهم فهم حراس الشريعة وحماة الدين، وينبغي أن يكون الرد في هذه المسائل مبني على أسس علمية سليمة وتأصيل منهجي منضبط والله أعلم ....
ـ[ابو شيماء الشامي]ــــــــ[28 - 03 - 06, 04:43 م]ـ
الاخ ابو عيسى جزاك الله خيرا على هذا الطرح لان المسألة اذاكانت مما يسعها الخلاف فالكل يعذر البعض ما انه في الفقه وليس في العقيدة وكلامك منحصر في الفقه فهو بلا اشكال ان الائمة اخلتلفوا في هذا ولكن المطلوب منا ان لا نبدع ولا نفسق بعضنا على مسائل في الفقه ما دام انها مما يسوغ الخلاف فيه ولكن المطلوب من كل واحد ان يبحث عن الحق المقرون بالدليل الشرعي واذا كان معك الدليل على الفهم الصحيح فهذا حق وجب الاتباع وانت مشكور على ما ذكرت ولكن بالنسبة للمسائل التي طرحتها في قضية جواز دفع القيمة او عدم الجواز فالعلماء اختلفو في اصل المسألة وهي هل العبادة معللة او غير معللة فاذا قلت معللة قلت بجواز دفع القيمة واذا قلت غير معللة وهذا الصحيح الذي عندي فانك تقول لا يجوز دفع القيمة لانها غير معللة الا العلة التعبدية والمقصود انها معللة اي انت تبحث فيعلة معينة لها مقصد يشمل المصالح المرسلة والا فكل العبادات لها علة تعبدية وليس عن هذا اقصد
ـ[أحمد الشهاب]ــــــــ[28 - 03 - 06, 10:19 م]ـ
للسيد أحمد بن الصديق كتاب ماتع بعنوان تحقيق الأمال في إخراج زكاة الفطر بالمال، انتصر فيه لمذهب الحنفية في جواز إخراج القيمة في الزكاة، وحشد من الأدلة ما لا يخطر على بال، ومن طالعه لا يسعه إلا أن يسد فمه ويحني رأسه أمام مذاهب المجتهدين ويراجع نفسه ألف مرة قبل أن يفكر في الاعتراض عليهم.
¥