[شركات الأسهم [فضيلة الشيخ الدكتور علي بن سعيد الغامدي]]
ـ[سعد]ــــــــ[11 - 04 - 06, 12:35 ص]ـ
شركات الأسهم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فقد عمت البلوى بكثير من المعاملات المالية المعاصرة، وأصبح تحصيل المال بأيسر الأسباب وأسرعها مطلب الكسول والعامل، النبيه والخامل، وفي العقدين الأخيرين كثرت مسائل البيوع والمعاملات المالية المختلفة، وتداخلت أعيان تلك السائل، واشتبه الحلال بالحرام، فلا تدرك أحكام تلك المسائل إلا بالتنقيب والبحث؛ حتى يحرر الفاصل بين الحلال والحرام، ومن تلك المعاملات: المشاركة في شركات الأسهم، فلا بد من البحث والنظر الدقيق في نظام هذه الشركات، وكيفية معاملتها مع المشتركين، ومن ثم إصدار الحكم الشرعي إزاء هذا النوع من المعاملات الذي طم وعم في عصرنا الحاضر، وانخدع به كثير من الناس؛ ظانين حلَّه وإباحته، غير مطلعين على أقوال أهل العلم في هذا النوع من المعاملات.
وهذا بيان يعبر عن رأيي الشخصي إزاء هذه القضية، مع احترامي لآراء طلبة العلم المجتهدين في هذا الباب، والخلاف لا يفسد للود قضية.
وقد جعلته مقسماً إلى فقرات، وهي:
1) نشأة شركات الأسهم.
2) نظام شركات الأسهم المعمول به اليوم.
3) موقف العلماء من نظام شركات الأسهم الوضعي.
4) الأسباب الحاملة على الاشتراك في شركات الأسهم.
5) مخالفة نظام شركات الأسهم للتشريع الإسلامي في الشركات.
6) مفاسد مترتبة على المساهمة في شركات الأسهم.
7) البدائل الشرعية العملية للمساهمة القائمة على غير الشريعة الإسلامية.
والله ولي التوفيق
أولاً: نشأة شركات الأسهم:
إن نشأة شركات الأسهم في دول العالم الثالث تابع لنشأتها في دول الغرب؛ حيث إن القانون الذي يحكم تلك الشركات هو المطبق الآن في العالم الإسلامي وغيره.
وقد نشأت الشركات في الغرب على أساس استعماري، وأول ما يذكر في تاريخها (شركة المغامرين المكتشفين الإنجليز)، ثم ظهرت بعد ذلك (شركة الهند الشرقية)، وهي شركة بريطانية احتكرت تجارة الهند. وكذلك (شركة الهند الشرقية)، وهي شركة هولندية احتكرت التجارة في جزر الهند الشرقية (إندونيسيا وما جاورها).
ثم ظهرت الشركات التي نشأت في مصر من أجل الاستيلاء على خيراتها، وخاصة تجارة القطن، وقد طبق على تلك الشركات القانون الفرنسي. ثم تبعتها -أي: مصر- جميع الدول التي تحتاج إلى الخبرة المصرية باعتبارها بوابة العالم العربي والإسلامي.
وقد اشتهر من القانونيين في ذلك الحين السنهوري، فهو كما يقال: (أبو القانون) وقد ألف موسوعة ضخمة في القانون، وكل ذلك مبني على قانون نابليون؛ أول قانون في العالم ينشأ ويأخذ صبغة النظام.
ثم نشأت شركات الرقيق في أفريقيا التي كانت تبيع الرقيق السود لأمريكا وغيرها، وقد ساد عند الناس -من جراء ذلك- أن كل أسود يعتبر رقيقاً ولو كان أصله حراً.
ثم نشأت شركات البترول، والتي سيطرت على بترول العالم الإسلامي، وتحكمت في إخراجه وتوزيعه وتسويقه بنسب محدودة مع الحكومات.
ومما سبق يتبين أن الشركات المساهمة ارتبطت في نشأتها تاريخياً بالاستعمار والاحتكار، وما يعرف بالمذهب الرأسمالي، والذي انبثق من فلسفة نفعية وهي ما يسمى: بالبرجماتية، وهو مذهب لا يحل حلالاً ولا يحرم حراماً، وهدفه الوصول إلى أكبر قدر ممكن من المال بأقل كلفة.
ولِما كان لهذه الشركات من الآثار السلبية والضغوط ظهر ما يعرف بنظام الاشتراك، وظهر ما يعرف باسم: المؤسسات العامة التي تدرأ عن الدول الغربية خطر الثورات والاضطرابات العمّالية، وتقبل مساهمات العمال في تلك الشركات، ولتظهر الدولة بمظهر العدالة الاجتماعية؛ لتبقى المحافظة على النظام الرأسمالي النفعي ولو لبس ثوباً آخر.
وقد نشأ مع هذه الشركات نظامان خادعان:
1 - الانتخابات.
2 - مجلس الإدارة.
وهما أكذوبتان لا يعرفهما أكثر الناس؛ فإن الانتخابات التي تجري في هذه الشركات تنبني على الديمقراطية التي يحكم فيها الشركاء أنفسهم بأنفسهم، والذي يحكمهم في الحقيقة هم فئة متسلطة معينة مجهزة من وراء الكواليس، لا يعرفها إلا من يدبّر الأمر.
¥