تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وفي واقع الأمر أنه لما أقفل باب الإجتهاد سدا لذريعة من قد يدعيه دون أن يكون من أهله، فتح فقهاء المالكية بابا آخر له عن طريق ما جرى به العمل حين طرأت نوازل ووقائع، واستجدت أمور كان لا بد من مواجهتها بالنظر في المذهب إلى أقوال مهجورة، وآراء منثورة لتصبح لها حظ من النظر بعد تقويتها بأدلة وأصول. (3) أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي للدكتور محمد رياض ص: 514 ..

يقول الشيخ الحجوي: " فعلم أن القاضي أو المفتي لا يجوز له الإسترسال في الإفتاء بما به العمل، ويظن أنه حكم مؤبد بل هو مؤقت، ما دامت المصلحة أو المفسدة التي لأجلها خولف المشهور، فإذا ذهبت رجع الحكم للمشهور " (4) الفكر السامي: 2/ 410 ..

1 - مستند ما جرى به العمل:

ما جرى به العمل اختيار، ليس مستنده ميل النفس أو مجرد اتباع الهوى، بل له مستند شرعي، وقد ذهب الفقهاء إلى أن هذه القاعدة لا يشترط فيها الإستناد إلى دليل خاص، بل إن مجرد قيامه على دعامة روح الشريعة ومقاصدها وقوانينها والتي هي بمثابة الدليل العام (5) حاشية أبي الشتاء الصنهاجي على شرح التاودي للامية الزقاق 2/ 265 .. فما لم تكن هذه القاعدة المذهبية معارضة لنص شرعي، أو مصلحة، ولم يكن هناك ما يعارضها من الراجح عليها أو المعارض المساوي لها كما ذكر الهلالي في شرح خطبة المختصر، فليس هناك ما يمنع من اعتمادها في الفتوى والقضاء (6) شرح السجلماسي على العمل الفاسي 1/ 87.

.

2 - شروط ما جرى به العمل::

أجمل الشيخ ميارة رحمه الله هذه الشروط فيما يلي:

* أن يكون العمل صدر من العلماء المقتدى بهم.

* أن يثبت بشهادة العدول المتثبتين في المسائل.

* أن يكون جاريا على قوانين الشرع وإن كان شاذا. (7) حاشية المهدي الوزاني على شرح التاودي على لامية الزَّقَّاق: 337.

وتناول هذه الشروط بتفصيل الشيخ أبو العباس أحمد الهلالي بقوله:" إنه يشترط لتقديم ما به العمل خمسة امور: أحدها: ثبوت جريان العمل بذلك القول، ثانيها: معرفة محلية جريانه عاما أو خاصا من البلدان، ثالثها معرفة كون من أجرى ذلك العمل من الأئمة المقتدى بهم في الترجيح، خامسها: معرفة السبب الذي لأجله عدلو عن المشهور إلى مقابله " (8) شرح خطبة المختصر: 131، وانظر تفصي ذلك في كتاب أصول الفتوى والقضاء للدكتور محمد رياض: 517 ..

3 - بين ما جرى به العمل وعمل أهل المدينة:

هناك أوجه شبه بينهما:

* كان مالك رحمه الله إذا تعارضت لديه الأدلة أخذ بما صحبه عمل أهل المدينة، فالفقهاء قاسوا هذا على هذا وقالوا: إذا تعارضت الأقوال يوخذ بما صحبه عمل الفقهاء في البلد الذي جرى به العمل.

* أن من شروط عمل أهل المدينة استمرار العمل به من طرف أكثر الناس بمن فيهم فقهاء التابعين، واٌستمرار أحد عناصر العرف، وكذلك عمل الفقهاء كثيرا ما يعتمد على العرف.

* أكثر عمل أهل المدينة يكون من أقضية وفتاوى الصحابة والتابعين، وهؤلاء أدرى بفهم النص وتطبيقه، وكذلك عمل الفقهاء يكون من أقضية وفتاوى العلماء ذوي أهلية الترجيح. (9) نظرية الأخذ بما جرى به العمل للدكتور عبد السلام العري: 183 ..

4 - أنواع ما جرى به العمل:

* العمل الخاص: ويتعلق بالأحكام التي تراعى فيها البيئة المكانية أي يكون مستندها هو العرف، فلا تطبق هذه الأحكام إلا في هذه البلدة التي جرى فيها ذلك العرف كعمل قرطبة وعمل فاس وعمل أهل تونس.

* العمل المطلق: لا يختص ببلدة واحدة لأنه في الغالب لا يرتبط بالعرف الخاص بل يكون اساسه العرف العام، أو تبدل المصالح والعلل، أو فساد الزمان أو تطور الأوضاع العامة.

وقبل الختام، أشير غلى أن ما جرى به العمل نشأ وترعرع في الغرب افسلامي بما فيه الأندلس والمغرب، وعرف عدة تطبيقات عملية بخلاف المشرق، ويمكن تبرير ذلك بغلبة المذهب المالكي في المغرب وضعفه في اتلمشرق، وغلبة المذهب تعني اعتماده في الفتوى والقضاء.

أخي الكريم، إن الكريم من تجاوز عن أخيه سقطه وزله، وغفر له عجزه وجهله، فإن كنت وفيت ببعض الذي لك علي فذاك ما أردت، وإن لم يكن فحسبي أني قد حاولت ونقلت إليك ما رأيت وقرأت.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[20 - 04 - 06, 12:42 ص]ـ

شكر الله للإخوة مداخلاتهم وخصوصا الشيخ حميتو،

وقد وجدت بحثا لأبي الوليد الباجي (ت474هـ) رحمه الله اسمه:

فصول الأحكام وبيان ما مضى عليه العمل عند الفقهاء والحكام، وقد حققه الباتول - كذا - بن علي وصدر سنة 1410هـ بدعم من وزارة الأوقاف المغربية.

كما رأيت كتابا اسمه:

نظرية الأخذ بما جرى به العمل في المغرب في إطار المذهب المالكي لعبدالسلام العسري، وقد صدر عن وزارة الأوقاف المغربية سنة 1417هـ، وقد أشار إليه الشيخ حميتو إلا أنه سمى المؤلف: العري، فلعل في إحدى النسختين تطبيع والله أعلم. وقد نقل عنه ما يفيد إلا أنني بحاجة إلى مطالعته وذكر ما يجلي ويزيد المسألة وضوحا، ثم نربطها بنظرية السوابق القضائية ومدى شرعية الأخذ بها بدأ بالسابقة التي حدثت في عصر الاحتجاج كعصر الصحابة رضي الله عنهم، أو صدرت من قاض واشتهرت بلا نكير وصحة إرجاعها للإجماع السكوتي عند من يقول به

ومن الله أستمد العون.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير