تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الأخرى التي أباحها الله وأحلها لنا لوجدنا أن المباحات الطيبات ليس فيها ضرر بخلاف القات فإن فيه من الأضرار والمفاسد ما الله به عليم, فهل هذا إلا دليل على تحريمه؟ ومن جهة ثانية نجد أشياء محرّمة في الشريعة وضررها أقل من ضرر القات بكثير مثال ذلك نهي النبي ? عن ثمن الكلب كما جاء في البخاري ومسلم من حديث أبي مسعود وغيره ويستثنى من ذلك الكلب المعلَّم، وكمثل تحريم بيع الشاة باللحم، وكتحريم النجش وهو الزيادة في السلعة ممن لم يرد شراءها، فهذه وأمثالها أضرارها قليلة وهي محرّمة، وكلما كثر الخبث اشتد التحريم كما في حديث هلاك العرب وهو في الصحيحين وفيه: أنهلك وفينا الصالحون؟ قال: ((نعم إذا كثر الخبث)) والقات ما يأتي من يوم إلا وشرّه يزيد، فلذا يقال إن القات بسبب زيادة أضراره على الفرد وعلى المجتمع ودخوله في عداد الخبائث يصير تحريمه ظاهرا أكثر.

الدليل من السنة:

قال الرسول ?: ((لا ضرر ولا ضرار)) وقد جاء هذا الحديث عن ثمانية من الصحابة وهو صالح للاحتجاج به، وقوله: (لا ضرر) إخبار وهو أبلغ مما لو قال: لا تضرّوا، وهذا الحديث قاعدة عامة تبنى عليها مسائل كثيرة لا تحصى ولا تعد إذ أن قوله ?: (لا ضرر ولا ضرار) أي لا تضروا بأنفسكم ولا تضروا بغيركم، وأفاد الحديث أن كل شيء يضر بالنفس أو يضر بالغير فهو منهي عنه إلا ما خصه الدليل.

وبقيت أدلة أخرى من القرآن والسنة لم أذكرها هنا لما في الأدلة السابقة من الوضوح والبيان وحتى لا تطول الرسالة وكما يقال: الحليم تكفيه الإشارة والبليد لا تكفيه غرارة.

من الأسباب التي تجعل القات محرّماً ما يلي:

1 - شجرة القات فيها مادة مخدرة كما قرر ذلك المؤتمر العربي لشؤون المخدرات في دورته الخامسة عام 1969م بأن هذا النبات مخدر ومضغ أوراقه منعش ومنبّه وأنه يمدد حدقة العين ويهيّج الجهاز العصبي المركزي، كما قرر المؤتمر الإسلامي لمكافحة المسكرات والمخدرات المنعقد بالمدينة النبوية عام 1400هـ تصنيف القات ضمن قائمة المخدرات [انظر كتاب (القات) للمرزوقي (ص 304، 309) والواقع شاهد بذلك – أن فيه تخديراً – فإن آكل القات يشعر بحيويّة ونشاط أثناء مضغ القات ويظل الساعات الطوال وهو جالس على هيئة واحدة ولا يتعب، وبعد الانتهاء من أكل القات يشعر بالإرهاق والتعب والضيق.

2 - ثبوت أضراره وهي على قسمين: عامة وخاصة:

الأضرار العامة: وتكون في عدة أمور:

الأمر الأول: الإضرار باقتصاد البلاد حيث إن زراعة القات صارت تشمل أكثر الأراضي الزراعية التي كانت تزرع الحبوب بجميع أنواعها, وكانت اليمن في اكتفاء ذاتي بالنسبة لجميع الحبوب، فلما زرع القات واتسعت زراعته على حساب الزراعات الأخرى صار الشعب عالةً على الدول الأخرى وخاصة الكافرة في استيراد القمح وما أشبه ذلك، ولو منعت هذه الدول التصدير لسبب أو لآخر لمات الشعب جوعاً لأن بعض البيوت لا يوجد فيها غالباً إلا القليل من القمح أو الدقيق وسرعان ما ينفد خلال أيام معدودة, وهذا هو الواقع، وكما يقال أهل مكة أدرى بشعابها، ولاشك أن من أعظم الإهانات التي تقوم بها الدول (الكبرى الكافرة) على الدول الصغرى المحاربة لها في أرزاقها خصوصا في لقمة العيش، وبذلك نصبح لقمةً سائغةً بيد أعدائنا - ولا ننسى أن أعداءنا يقومون بتنفيذ خططهم وأفكارهم في بلادنا ويرغمون حكّامنا على قبولها وتنفيذها بسبب شدة حاجتنا إليهم للقمة العيش - وتستورد البلاد هذه المواد بالعملة الأمريكية (الدولار) وتنفق مئات الملايين من الدولارات على ذلك, وهذه من أعظم الأضرار على اقتصاد البلاد. فنصيحتنا للشعب وللدولة أن يبادروا بقلع هذه الشجرة الخبيثة من جميع الأراضي الزراعية في أنحاء اليمن واستبدالها بالزراعات الطيّبة النافعة كالحبوب والخضروات والفواكه وغيرها، وبحمد الله الأراضي الزراعية في اليمن من أخصب الأراضي في العالم, ومحاصيلها وثمارها من أجود المحاصيل والثمار, والواقع يشهد بذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير