تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[آداب خطبة النكاح]

ـ[علي الفضلي]ــــــــ[20 - 04 - 06, 11:39 م]ـ

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أفضل المرسلين أما بعد /

أتكلم في هذه السطور عن مقدمة النكاح والتزويج ألا وهي الخطبة.،وأتكلم فيه خاصة عن آداب الخطبة.،

ومادة الخطبة الخاء والطاء والباء هذه المادة تدور على أصلين،يهمنا في هذا الكلام أحدهما وهو: "الكلام بين اثنين" ومنه هنا الخطبة، بكسر الخاء وهي:- طلب الزواج من المرأة أو من ولي أمرها، فهي المقدمة والمدخل إلى عقد النكاح؛ ومنه أيضا الخطبة،بضم الخاء وهي:- اسم للكلام الذي يتكلم به الخطيب على المنبر يوم الجمعة،وكلامنا هنا عن الخطبة بكسرالخاء، وهي مقدمة التزويج،قال تعالى: (لا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم) البقرة.

هناك آداب للخطبة وأول هذه الآداب: النظر إلى المخطوبة،فيرى الخاطب وينظر إلى ما يدعوه ويحثه على نكاح هذه المخطوبة، أو يكون سببا في ترك هذا النكاح؛ ومثل هذا النظر مستحب على الصحيح من أقوال أهل العلم وهو الذي عليه جماهير أهل العلم لأدلة كثيرة: منها ما رواه الإمام أحمد في المسند وأبو داود في السنن–-رحمهما الله تعالى - من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم المرأة،فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، فليفعل) قال: فخطبت جارية،فكنت أتخبأ لها،حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها، فتزوجتها. وسنده حسن.

ومنها ما رواه مسلم والنسائي عن أبي هريرة- رضي الله عنه –قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم

فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار, فقال له

رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أنظرت إليها؟) قال لا

قال: (فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا).

قال النووي رحمه الله: (قيل المراد، صغر، وقيل زرقة).

فهذه الأدلة وغيرها تدل على استحباب النظر إلى المخطوبة على أقل تقدير،والمشهور في مذهب الحنابلة الإباحة، ومن العلماء من قال بكراهة النظر-منهم القاضي عياض- كما ذكر ذلك عنه الشوكاني في (نيل الأوطار) ورده، وكلا القولين الإباحة والكراهة مردودان بما سمعتم من الأدلة الدالة على استحباب النظرإلى المخطوبة.

ولكن ماهو القدر الذي يستحب للخاطب أن ينظر من المخطوبة؟! وقع خلاف بين أهل العلم في القدر الذي ينظر إليه منها:- فجمهور أهل العلم إلى أن القدر إنما هو الوجه والكفان، ولا ينظر إلى غيرهما.،وقال

الأوزاعي: ينظر إلى مواضع اللحم.،وقال الظاهرية ينظر إلى كل شيء منها سوى العورة المغلظة- أي القبل والدبر!! - وبالغ داود الظاهري فقال:ينظر إليها متجردة!!!،والقول الصحيح فيه تفصيل:

فإن كان النظر عن غير سابق اتفاق فله أن ينظر منها ما يدعوه إلى نكاحها وإن زاد عن الوجه والكفين, لحديث جابر- رضي الله عنه- السابق: (فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل).

فتخبؤ جابر رضي الله عنه لها فيه دلالة أنه قد نظر منها ما زاد على الوجه , لأنه قال: "حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها, فتزوجتها".

أما عن سابق اتفاق فلا يجوز النظر إلى أكثر من الوجه والكفين كما قال جمهور أهل العلم , لأن الرخصة إنما أباحت للرجل فضول النظر من غير ريبة, وإنما لأجل النكاح, و لم يؤذن للمرأة أن تكشف هي عما لا يجوز أن تظهره أمام الأجانب.

وهل للمرأة أن تتشوف للخطاب أي تتزين للخطاب؟ الجواب نعم لها ذلك فقد جاء في حديث سبيعة الأسلمية -رضي الله عنها- الذي رواه الإمام أحمد في مسنده: أنها كانت تحت سعد بن خولة، فتوفي عنها في حجة الوداع ,وكان بدريا ,أي ممن شاركوا في معركة بدر. فوضعت حملها قبل أن ينقضي أربعة أشهر وعشر من وفاته , فلقيها أبو السنابل- يعني ابن بعكك- حين تعلت من نفاسها وقد اكتحلت – وفي رواية: فدخل على حمُوي وقد اختضبت وتهيأت ,فقال لها: اربعي على نفسك, أو نحو هذا لعلك تريدين النكاح ,إنها أربعة أشهر وعشر من وفاة زوجك, قالت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما قال أبو السنابل بن بعكك ,فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (قد حللت حين وضعت حملك) وفي رواية عند النسائي (فلما تعلت تشوفت للأزواج, فعيب ذلك عليها, فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم , فقال: (ما يمنعها, قد انقضى أجلها).

وحد زينة المخطوبة هو ما جاء في هذا الحديث ,فلا يتجاوز الكحل والخضاب –أي الحناء – فلا يجوز لها بما زاد على ذلك من مساحيق المكياج أو الطيب , وإنما فقط الكحل والخضاب.

ما هي شروط النظر للمخطوبة؟

الشرط الأول:- أن يكون بلا خلوة للحديث الذي أخرجه أحمد والترمذي وابن أبي عاصم بسند صحيح عن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- قال النبي –صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون أحدكم بامرأة, فإن الشيطان ثالثهما).

الشرط الثاني:-أن يكون بلا شهوة للحديث الذي أخرجه الإمام أحمد عن أبي حميد قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خطب أحدكم امرأة, فلا جناح عليه أن ينظر إليها إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته ,وإن كانت لا تعلم)؛ فقوله عليه الصلاة والسلام: (إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته) فيه أنه إن كان لشهوة حرم النظر.

الشرط الثالث:-أن يكون عازما على الخطبة والتقدم و إلا فلا، للحديث السابق: (إذا كان إنما ينظر إليها لخطبته)،ولأن الأصل تحريم النظر إليها.

الشرط الرابع:- أن يغلب على ظنه الإجابة, وكيف يغلب على ظنه الإجابة؟! الجواب:جعل الله تعالى الناس طبقات فقال تعالى: (نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا, ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً)، فإن من ينظر إلى بنت وزير مثلا وكان فقيرا فإن الغالب عدم الإجابة, أو يكون إنساناً كبير السن

زمناً أصم ينظر إلى بنت شابة فالغالب عدم الإجابة.

الشرط الخامس: وهو ما ينظر منها وقد سبق تفصيله.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، والحمد لله رب العالمين.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير