تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن قلت قد أحدث الناس أمورا في المعاملات مثلا، أقول: الأصل في أي شئ الإباحة حتى يأتي دليل التحريم لقوله تعالى (وقد فصل لكم ما حرم عليكم) و هذا الاعتقاد هو من أمر الرسول و أصحابة بلا جدال، فلننظر فيما أحدثه الناس، هل ثبت تحريمه بالنص، أم لا، فإن ثبت تحريمه و حللناه فقد أحدثنا، و إن سكت النص و إجماع عصر الصحابة عنه و حرمناه فقد أحدثنا أيضا.

و أما ما نقلته من تفسير الحديث فقد بطل بما سبق، و هو قول مبني على إدخال كل أمور الدنيا في مسمى الدين و هو ما شاع عند أهل القياس عموما، و قد أبطله حديث (أنتم أعلم بأمور دنياكم).

اقتباس:

الدليل الرابع يقتضي أيضا ألا يوجد إجماع

لأن الدين كمل بموت النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقل أحد قط إن الدين ظل ناقصا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثم اكتمل بإجماعات الصحابة من بعده، فإما أن تقول: إن إجماع الصحابة لا يتحقق إلا في حياة النبي، وهذا فيه إبطال للإجماع كما سبق، وإما أن تقول إن إجماعات الصحابة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم من تمام الدين، وفي هذا إبطال للاستدلال بهذه الآية.

قد قلت الأولى، و جئت ببرهاني عليها فيما تقدم.

اقتباس:

كلامك هنا يدل على أنك تقول بحجية الإجماع استنادا لقوله تعالى: ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا

فأقول لك: هل اتفق المفسرون على أن معنى الآية الدلالة على حجية الإجماع؟ الجواب: لا

فلو طبقنا كلامك (في البحث عن الجزء المتفق عليه في تعريف الإجماع) هنا فلن نجد جزءا متفقا عليه في تفسير الآية يدل على حجية الإجماع.

قد أوضحت أن الإجماع لا يتقرر إلا على ما كان من الله فقط، و لا يقول مسلم بعدم وجوب الإجماع على ما كان من الله على الوجه الذي فصلته فيما سبق.

اقتباس:

وأيضا فإن قصر حجية الإجماع على الصحابة فقط فيه إبطال لهذه الآية أو إبطال للإجماع نفسه:

وبيان ذلك أننا متفقون بحمد الله على أن القرآن مستمر محكم إلى قيام الساعة لا ينسخ منه شيء بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا يقتضي أن تكون دلالة الآية باقية وثابتة إلى قيام الساعة، فلو قلنا إن (سبيل المؤمنين) في الآية معناه فقط الصحابة فلن نستطيع أن نطبق الآية في يومنا هذا، إما هذا وإما أن نقول: إن خلاف المخالف اليوم يقدح في الإجماع؛ لأنه يدخل في المؤمنين، والآية شاملة لجميع المؤمنين.

الخلاصة التي أريد أن أوصلها إليك يا أخي الكريم، وأود أن تتفكر فيها جيدا وتحاول تصورها وتبينها أن الآية دلت على تحريم مخالفة (سبيل المؤمنين) ولم تحرم مخالفة (جميع المؤمنين) وإذا تأملت بان لك الفرق بينهما.

نعم لم تحرم الآية مخالفة جميع المؤمنين إلا عندما يجمعون، و لن يتحقق إجماعهم كاملا إلا في عصر الصحابة كما تقدم بيانه ..

قال تعالى:

(قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين)

(واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون)

فهذا سبيل المؤمنين. هو سبيل الرسول بلا زيادة، و لذا عطف الله تعالى (يتبع غير سبيل المؤمنين) على (يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى)

فالمعطوف مترتب على المعطوف عليه. و نتيجة حتمية له.

أشكرك مرة أخرى على تفاعلك مع الموضوع، و جزاك الله خيرا.


29/ 07/06, 09:47 09:47:44 AM
نصر الدين المصري
عضو جديد تاريخ الانضمام: 04/ 04/05
محل السكن: مصر
المشاركات: 83

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير