قلت: عبد الرحمن بن إسحاق قال عنه ابن عدي في الكامل (4/ص304): وفي حديثه بعض النكرة ولا يتابع عليه والأكثر منه صحاح وهو صالح الحديث كما قال أحمد بن حنبل وفي التقريب: صدوق , فالضعف ليس من جهته وإنما من جهة عبد الرحمن بن معاوية قال في التقريب: صدوق سيء الحفظ بالإرجاء (ترجمة 4011).
فالحديث بهذا السند فيه ضعف ولذا قال عنه الشيخ الألباني: ضعيف (ضعيف أبي داود ص109 رقم 240 – 1105) وقال عنه في تعليقه على صحيح ابن خزيمة:" فيه ضعف من أصل عبد الرحمن بن معاوية فإنه صدوق سيء الحفظ " (2/ص351 تعليق رقم 1450).
- والحديث صححه ابن حبان والحاكم (1/ 535) ووافقه الذهبي , ولعل ذلك لأن حديث عمارة رضي الله عنه السابق يشهد له شهادة قوية واضحة فإن معناهما واحداً وقد صححه بعض المخرجين المعاصرين من أصل ذلك , وذكر شعيب الأرنؤوط أنه يشهد له حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يشير بإصبعيه في التشهد فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " أحد أحد "
قلت: وهذا فيه نظر والظاهر أنه لا يشهد له وذلك أننا إن صححنا حديث سهل رضي الله عنه بشهادة هذا الحديث قد أثبتنا حكماً شرعيا وهو شرعية دعاء الإمام يوم الجمعة على المنبر وهذا لم يدل عليه حديث أبي هريرة رضي الله عنه إذ هو في الإشارة عند التشهد في الصلاة والله أعلم.
الحديث الثالث:
- عن سمرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في كل جمعة.
قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 109): رواه البزار والطبراني في الكبير وقال البزار: لا نعلمه عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد وفي إسناد البزار يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف اهـ.
وقال الحافظ في بلوغ المرام ص103: رواه البزار بإسناد لين.
قلت: عند قراءة حديث عمارة رضي الله عنه الصحيح وحديث سهل رضي الله عنه الذي صححه بعضهم بشهادة حديث عمارة له يتبين لكل أحد أن بشر بن مروان دعا على المنبر يوم الجمعة ورفع يديه في هذا الدعاء فأنكر عليه عمارة – رضي الله عنه – رفعه ليديه وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير فقط فعمارة رضي الله عنه لم ينكر على بشر الدعاء وإنما رفعه ليديه ولو كان الدعاء من أصله ممنوعا أو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفعله لأنكر عمارة رضي الله عنه ذلك على بشر ولما اكتفى بإنكار رفع اليدين فعمارة رضي الله عنه قد أقرَّ بشرا على الدعاء.
وبهذا يتبين أن دعاء الخطيب على المنبر يوم الجمعة له أصل في السنة وأن عليه الصلاة والسلام كان يدعو على منبره في خطبة الجمعة وهذا الفهم بل منطوق حديث عمارة وسهل رضي الله عنهما قال به الجمع الكبير من أئمة أهل الحديث والفقه وهذه عباراتهم:
- ذكر كلام أهل العلم على هذه الأحاديث:
1 - أما المحدثون:
- فقد بوب الحافظ أبو بكر بن أبي شيبة " في رفع الأيدي في الدعاء يوم الجمعة " وأورد حديث عمارة رضي الله عنه.
- وبوب مرتب صحيح ابن حبان " باب ذكر وصف الإشارة للمرء بأصبعه عند إرادته الدعاء لله كل وعلا " وأورد حديث عمارة وسهل رضي الله عنهما.
- وبوب الإمام ابن خزيمة " باب إشارة الخاطب بالسبابة على المنبر عند الدعاء يوم الجمعة " وذكر حديث سهل رضي الله عنه.
- وبوب البيهقي في سننه الكبرى " باب ما يستدل به على أنه يدعو في خطبته " وأورد حديث عمارة وسهل رضي الله عنهما.
- وبوب الهيثمي في المجمع " باب الإشارة في الدعاء ورفع اليدين " وأورد حديث سهل رضي الله عنه.
قلت: وهؤلاء العلماء الأكابر, رحمهم الله تعالى قد رووا حديث عمارة رضي الله عنه من غير زيادة زهير وابن فضيل في آخره وهي أن عمارة رضي الله عنه قال" رأيت رسول الله على المنبر يدعو " وأنما رووه بلفظ " رأى بشراً على المنبر رافعاً يديه فقال قبح ... الحديث، فلم يرووا أن بشراً كان يدعو أو أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو وقد فهموا من الحديث أن عمارة أنكر على بشر رفع اليدين حال الدعاء على المنبر ولم ينكر عليه الدعاء وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو ويشير فقط ولذلك بوبوا هذه التبويبات السابقة الذكر فالحديث من غير الزيادة تلك دال على ما ذكر من شرعيه الدعاء على المنبر يوم الجمعة وأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا
¥