تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كلامك جد مفيد أستاذ زياد .. استمر بارك الله تعالى فيكم

ـــــــــــــــــــــــــــــ

هل ترى ما يراه الأخ الفهم و الأخ الحارثي من ضرورة رجوع التعامل كما كان سابقا بالنقدين؟


الفهم الصحيح25 - 12 - 2004, 02:08 AM
- شكرا للحبيبين على ما أبدياه من لطف.
أخي محمد – قولك: و لكن يلزم منه أشياء ـ لا أظنك تحتمل مسؤليتها.
هل تقصد من حيث الاستدلال بالاستحسان؟ بين لي، ولا تغتر باسم الفهم الصحيح (ابتسامة محبة).
وقولك تعقيبا على كلام شيخ الإسلام (والوسيلة المحضة ... ): جد خطير، بل هو جماع الأمر كله، و لكن الإشكال هنا أن الأثمان التي كان يتعامل بها وإن لم يكن هناك تعلق بصورتها، فإن هناك تعلق بمادتها فالعملة الذهبية كانت قيمتها في ذاتها، حتى أنها لو عجنت في بعضها تستطيع أن تعطيها للصائغ ليصوغها لك حلية لزوجتك.
قلت: هل أفسر الخطير هنا بمعنى المهم، أم تقصد معنى آخر؟
والقيمة الذاتية للذهب في حالة كونه نقدا ليست مقصودة، لأنه لو كان كذلك ما جاز أن يقوم به ما هو أثمن منه مثل البلاتين وبعض النفائس الأخرى. ولكان اتخاذ النقد من البلاتين أو الألماس – مثلا – أولى من الذهب، حتى الورق الذي تطبع منه النقود الورقية اليوم له قيمة ذاتية وإن كانت ضعيفة جدا، بحيث لو جمعت كمية منه وبيعت تأتي بثمن لأنه يعجن من جديد فيخرج ورقا نافعا.
والعلة عند الشافعية في الذهب والفضة: كونهما جنس الأثمان غالبا، ويقولون أحيانا جوهرية الأثمان، وهو قول المالكية ويعبرون بغلبة الثمنية وهذا مشهور المذهب، وهناك قول عند المالكية بأن العلة فيهما مطلق الثمنية، وهو خلاف المشهور.
وأما دلالة ما ذهب إليه الفقهاء من جعل العلة قاصرة = على براعتهم في فهم مضمون النقود ... فذلك أنهم قدروا أنه ليس هناك معدن يمكنه أن يقوم بوظيفة النقود، مثل الذهب والفضة لخصائص فيهما لا تخفى عليك. فألمحوا إلى حصر الثمنية فيهما، وقد ذكرت لك باختصار ما آل إليه الحال في مصر عندما ظن البعض أن الفلوس النحاسية أصبحت ثمنا رئيسا، وكذلك هو الحال اليوم عندما غلب استعمال النقود الورقية ثمنا رئيسا فيما يبدو لنا، نرى أثر ذلك في الاختلال الذي تعاني منه قيمة هذه العملات، والتذبب المريب الذي أهلك الحرث والنسل، وجعل كبار الدول تجأر من الحال التي عليه اقتصادها، وما أمر اليورو - في هذه الساعة - مع الدولار عنك ببعيد.
وقريبا من هذا كان سيحدث لو تم ضرب النقود من جلود الأباعر في عهد عمر – رضي الله عنه – ولكن الله تدارك الأمة، وقد كان سبب الإعراض عن ذلك، فيما روي هو الخوف من فناء الأباعر في زمانهم، وكانت هي المال حقا عندهم. وهذا التعليل لا يؤخذ على ظاهره، بل المقصود هو ما أشرتَ إليه أنت من حدوث فوضى في صك النقود لها تبعات لا تحمد، ويبدو أن هذا ما أدركه الخليفة الراشد عمر – رضي الله عنه – فترك ما همّ به.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير