الحافظ:"الأمر للاباحة فتكفي النية للتملك وهو الأرجح دليلا". (الفتح 5/ 99و101،شرح مسلم 12/ 23، السبل 3/ 118)
و ذهبت المالكية الى أن الملتقط اذا كان فقيرا فان له أن يأكل، وان كان غنيا فانه يتصدق بها، ويجوز أكلها بعد الحول (المدونة 4/ 455، بداية المجتهد 2/ 229)، وذهبت الحنفية الى أن الملتقط اذا كان فقيرا فانه يملكها،و ان كان غنيا فانه يتصدق بها ولا يأكلها (حاشية بن عابدين 6/ 438، السبل 3/ 118، البداية 2/ 229).
قلت: الصحيح قول الشافعية, و الحنابلة لقوة ما استدلوا به. و الله أعلم و نسبة العلم اليه أسلم.
فائدة:
استحب بعض أهل العلم أن يتعرف الملتقط على اللقطة مرة أخرى اذا أراد أن يتملكها:"فيعرف العلامات أول ما يلتقط حتى يعلم صدق واصفها كما تقدم ثم بعد تعريفها سنة اذا أراد أن يتملكها فيعرفها مرة أخرى تعرفا وافيا محققا ليعلم قدرها،و وصفها،و هذا بناء على بعض الروايات في حديث زيد بن خالد التي تبيين تقديم التعريف على المعرفة كما عند البخاري:"فقال: عرفها سنة،ثم اعرف وكائها"،و عند مسلم:" فقال: عرفها سنة، فان لم تعرف فاعرف عفاصها .. " (الفتح 10/ 533، شرح مسلم 12/ 26)
هذا هو قول الامام النووي في شرح مسلم، و رده الحافظ في الفتح فقال:"لاحتمال أن تكون "ثم" بمعنى "الواو" فلا تقتضي ترتيبا،و لا تقتضي تخالفا يحتاج الى الجمع، و يقويه كون المخرج واحد والقصة واحدة ". (شرح مسلم 12/ 23، فتح الباري 5/ 98)،و أما لقطة الحرم المكي فحكمها التعريف ابدا،و لا يحل للملتقط تملكها، و هذا قول جمهور الفقهاء (الفتح 5/ 106).
ضمان اللقطة:
تعتبر اللقطة أمانة،أو مضمونة بيد ملتقطها حسب نيته.
1_ فان كان قد التقطها بنية حفظها،و ردها لصاحبها فهي أمانة فلا يضمنها الا بالتعدي، و التقصير (المغني 6/ 366،شرح مسلم 12/ 24، النيل 5/ 343).
2_و إن كان قد التقطها بنية أخذها لنفسه،و عدم ردها الى صاحبها فهي مضمونةعنده لأنها بحكم المغصوب،و هذا قول الجماهير (المغني 6/ 361، فتح القدير 6/ 112)، وتعرف نية الملتقط عند أبي حنيفة،و أبي يوسف بالتصديق،و الإشهاد (فتح القدير 6/ 112).
3_ فإذا هلكت اللقطة،و جاء صاحبها، و صدق الملتقط بأنه أخذها للحفظ، و الرد فلا ضمان عليه لثبوت أمانته بهذا التصديق،و ان كذبه المالك وكان الملتقط قد أشهد على التقاطه فلا ضمان عليه لظهور أمانته بالاشهاد،و ان لم يكن قد أشهد فثبت أمانته بيمينه،لأن القول قول الأمين مع اليمين،و هذا قول ابي يوسف،و المالكية،و الشافعية،و الحنابلة (الإنصاف 6/ 421، الرملي 5/ 435، حاشية الدسوقي 3و8/ 121، الكاساني 6/ 201 زيدان).
4 - وإذا التقطها بنية الحفظ،و الرد ثم رد اللقطة الى مكانها الذي أخذها منه لا ضمان عليه عند الحنفية (حاشية بن عابدين 6/ 435)،و المالكية، و عند الشافعية،و الحنابلة يضمن لأنها صارت أمانة في يده فلزمه حفظها (المجموع 16/ 158، المغني 6/ 368)،و رد عليهم بأنه قد يأخذها على ظن قدرته على حفظها فتبين له عجزه فردها، أو يكون أخذها ليعرف صفاتها ثم يرشد صاحبها الى مكا نها.
أحكام الضالة:
اعلم أخي الكريم أن وصف الضالة لا يقع الا على الحيوان، و ما سواه يقال له لقطة (الفتح 5/ 99، شرح مسلم 12/ 21، السبل 3/ 117)، وضالة الحيوان على نوعي:
النوع الأول: ضالة الابل، وما شبهها،و
النوع الثاني: ضالة الغنم،و ما يشبهها.
فأما النوع الأول: وهو ضالة الابل، وما يشبهها فوصفها كما يلي:
1_أن تصل بنفسها الى المرعى، و الماء.
2_أن تمتنع على صغار السباع،إما:
أ_ بقوة جسمها كالبقر والخيل،
ب_ ببعد أثرها لسرعة عدوه كالضباء والأرنب،
ج_ بجناحها لسرعة طيرانه كالحمام و الدراج،
د_ بنابها كالكلاب والفهود.
فهذا النوع لا يجوز التقاطه لأنه يقوم بحفظ نفسه. (المغني 6/ 396 و 397، المجموع 16/ 107)
مسائل تتعلق بهذا النوع:
1_سبق معنا أنه لايجوز لقط الابل ,وما في معناها، وهذا قول الجمهور، وحكمة النهي عن التقاط الابل:"أن بقاءها حيث فقدت أقرب الى وجدان مالكها لها من تطلبه لها في رحال الناس " (الفتح 5/ 97).وقال بعضهم:لاستغنائها عن الحافظ والمتفقد. (إحكام الأحكام 2/ 160)
¥