: يا رسول الله إذا جامع الرجل المرأة فلم ينزل؟ قال (يغسل ما مس المرأة منه ثم يتوضأ ويصلي) أخرجه البخاري (1/ 111)
4 / آثار الصحابة السابقة في حديث عثمان رضي الله عنه.
وقد أجاب الجمهور عن هذه الأدلة بما يلي:
أولا: أنها منسوخة وأيدوا ذلك بما يلي:
1 - عن سهل بن سعد عن أبي بن كعب قال: (إنما كان الماء من الماء رخصة في أول الإسلام ثم نهى عنها) رواه الترمذي (1/ 183) وقال حديث حسن صحيح ورواه ابن ماجه (1/ 109) وأحمد في مسنده (5/ 115)
2 - و عن رافع بن خديج قال: ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا على بطن امراتي فقمت ولم انزل فاغتسلت وخرجت إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته أنك دعوتني وإنا علي بطن امرأتي فقمت ولم أنزل فاغتسلت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عليك الماء من الماء قال رافع ثم أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بالغسل) رواه أحمد في مسنده (4/ 143) وإسناده ضعيف فيه رشدين بن سعد ضعيف وبهذا أعله صاحب مجمع الزوائد (1/ 264) وقد حسن الحديث الحازمي في الاعتبار (ص122) وتعقبه الزيلعي في نصب الراية (1/ 84) بقوله: (حديث يشتمل على ضعيف ومجهول كيف يكون حسنا)
3 - عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان:أن محمود بن لبيد الأنصاري سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل ولا ينزل فقال زيد يغتسل فقال له محمود إن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل فقال له زيد بن ثابت إن أبي بن كعب نزع عن ذلك قبل أن يموت) رواه مالك في الموطأ (1/ 47) رواية يحي الليثي (1/ 141) رواية محمد بن الحسن.
قال الشافعي (فيه دلالة على أنه سمع الماء من الماء ولم يسمع خلافه ثم لا أحسبه تركه إلا لأنه ثبت له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعده مانسخه) اختلاف الحديث (ص90)
وقال البيهقي في السنن الكبرى (1/ 166): (قول أبي بن كعب الماء من الماء ثم نزوعه عنه يدل على أنه أثبت له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعد ما نسخه وكذلك عثمان بن عفان رضي الله عنه وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وغيرهما)
4 -
عن الزهري قال: سألت عروة عن الذي يجامع ولا ينزل؟ قال: على الناس أن يأخذوا بالآخر والآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم
حدثتني عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ولا يغتسل وذلك قبل فتح مكة ثم اغتسل بعد ذلك وأمر الناس بالغسل) رواه ابن حبان (3/ 454) وفيه الحسين بن عمران فيه كلام ضعفه غير واحد من أهل الحديث.
قال الترمذي في جامعه (1/ 184): (وإنما كان الماء من الماء في أول الاسلام ثم نسخ بعد ذلك وهكذا روى غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم: أبي بن كعب و رافع بن خديج والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: على أنه إذا جامع الرجل امرأته في الفرج وجب عليهما الغسل وإن لم ينزلا)
وقال ابن أبي حاتم سألت أبي عن احاديث الماء من الماء فقال: كلها منسوخة بحديث سهل بن سعد عن أبي) العلل (1/ 49)
فخلاصة هذا الجواب هو القول بالنسخ وهو ماذكره الشافعي وأبوحاتم والترمذي والبيهقي والحازمي في الاعتبار وابن شاهين في ناسخ الحديث ومنسوخه.
ثانيا: أن يحمل قوله صلى الله عليه وسلم (الماء من الماء) على الاحتلام وقد ورد هذا التفسير عن ابن عباس رضي الله عنهما كما في جامع الترمذي (1/ 186) وقال الترمذي: (سمعت الجارود يقول سمعت وكيعا يقول لم نجد هذا الحديث إلا عند شريك، (قال أبو عيسى): و أبو الجحاف اسمه داود بن أبي عوف ويروى عن سفيان الثوري قال: حدثنا أبو الجحاف وكان مرضيا) وأيد هذا الحمل ابن عبدالبر في الاستذكار (3/ 90)
ثالثا: ماذكره الحافظ في الفتح (1/ 398) أن استدلال الجمهور بمنطوق الحديث واستدلال أصحاب القول الثاني بمفومه والمنطوق مقدم على المفهوم.
ثم إن الصحابة القائلين بعدم وجوب الغسل ثبت عنهم الرجوع عن هذا القول كما سبقت الإشارة إلى رجوع أبي رضي الله عنه وكذا رجوع عثمان وعلي بن أبي طالب كما في سنن البيهقي (1/ 187) والأوسط لابن المنذر (2/ 79) ومصنف بن أبي شيبة (1/ 88) ولذلك ذهب جمع من أهل العلم إلى حكاية افجماع على وجوب الغسل من التقاء الختانين- وإن لم ينزل- كالنووي في المجموع (1/ 147) وقد روى ابن المنذر في الأوسط (2/ 79) عن سعيد بن المسيب قال: كان عمر وعثمان وعائشة والمهاجرون الأولون يقولون إذا مس الختان الختان وجب الغسل وفي رواية أخرى قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول على المنبر: لا أجد أحدا جامع امرأته ولم يغتسل انزل أو لم ينزل إلا عاقبته) والله أعلم
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[07 - 09 - 06, 10:19 ص]ـ
وفقك الله.
الإمام البخاري - رحمه الله - يرى أن الغسل أحوط ... وكأنه لا يوجبه ... وقد تعجب من مذهبه العلامة ابن العربي في العارضة والقبس .. وعارضه وتأوله بما تراه هناك مفصلا ... وتعقب كلامه العلامة ابن الملقن - موفقا - بما تقف عليه في " الإعلام بفوائد عمدة الأحكام " 2/ 89 - 92. وفعل مثله الحافظ في الفتح ... رحم الله الجميع بمنّه وكرمه.
وابن حزم في هذه المسألة على الجادة مع جماهير أهل العلم مخالفًا لداود القياسي رحمهما الله.
¥