تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله (ما يهدي) مأخوذ من الهداية التي هي أعم من الهدي لا من الهدي، وإلا لزم ذكر المعرف في التعريف فلزم تعريف الشيء بنفسه، قلت: (لو أخذ من الهدي يكون تعريفا لفظيا وهو

(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 46)

سائغ) واحترز بقوله: (إلى الحرم) عما يهدى إلى غيره نعما كان أو غيره، وبقوله (من النعم) عما يهدى إلى الحرم من غير النعم، فإطلاق الفقهاء في باب الأيمان والنذور والهدي على غيره مجاز، وبقوله (ليتقرب به) أي: بإراقة دمه فيه، أي: في الحرم عما يهدى من النعم إلى الحرم هدية لرجل، وأفاد به أنه لا بد فيه من النية أي ولو دلالة رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين ج2، ص406 - 407. .

8 - قال الجصاص في تفسيره: (أحكام القرآن) باب المحصر، أين يذبح الهدي؟

قال تعالى: سورة البقرة الآية 196 وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ واختلف السلف في المحل ما هو؟ فقال عبد الله بن مسعود، وابن عباس، وعطاء وطاوس، ومجاهد، والحسن، وابن سيرين: هو الحرم. وهو قول أصحابنا والثوري. وقال مالك والشافعي: محله الموضع الذي أحصر فيه فيذبحه ويحل. والدليل على صحة القول الأول أن المحل اسم لشيئين: يحتمل أن يراد به الوقت، ويحتمل أن يراد به المكان. ألا ترى أن محل الدين هو وقته الذي تجب المطالبة به، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لضباعة بنت الزبير: صحيح البخاري النكاح (4801) ,صحيح مسلم الحج (1207) ,سنن النسائي مناسك الحج (2768) ,مسند أحمد بن حنبل (6/ 202). اشترطي في الحج وقولي محلي حيث حبستني فجعل المحل في هذا الموضع اسما للمكان، فلما كان محتملا للأمرين ولم يكن هدي الإحصار في العمرة مؤقتا عند الجميع وهو لا محالة مراد بالآية وجب أن يكون مراده للمكان، فاقتضى ذلك أن لا يحل حتى يبلغ

(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 47)

مكانا غير مكان الإحصار؛ لأنه لو كان موضع الإحصار محلا للهدي لكان بالغا محله بوقوع الإحصار، ولأدى ذلك إلى بطلان الغاية المذكورة في الآية؛ فدل ذلك على أن المراد بالمحل هو الحرم؛ لأن كل من لا يجعل موضع الإحصار محلا للهدي فإنما يجعل المحل الحرم، ومن جعل محل الهدي موضع الإحصار أبطل فائدة الآية وأسقط معناه، ومن جهة أخرى وهو أن قوله تعالى: سورة الحج الآية 30 وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الْأَنْعَامُ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ إلى قوله: سورة الحج الآية 33 لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ودلالته على صحة قولنا في الحل من وجهين: أحدهما: عمومه في سائر الهدايا، والآخر: ما فيه من بيان معنى المحل الذي أجمل ذكره في قوله: سورة البقرة الآية 196 حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فإذا كان الله قد جعل للمحل البيت العتيق، فغير جائز لأحد أن يجعل المحل غيره، ويدل عليه قوله تعالى في جزاء الصيد: سورة المائدة الآية 95 هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ فجعل بلوغ الكعبة من صفات الهدي فلا يجوز شيء منه دون وجوده فيه، كما أنه لما قال في الظهار وفي القتل: سورة النساء الآية 92 فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ فقيدها بفعل التتابع لم يجز فعلهما إلا على هذا الوجه، وكذلك قوله تعالى: سورة النساء الآية 92 فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ لا يجوز إلا على الصفة المشروطة، وكذلك قال أصحابنا في سائر

(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 48)

الهدايا التي تذبح أنها لا تجوز إلا في الحرم. ويدل عليه أيضا قوله تعالى في سياق الخطاب بعد ذكر الإحصار: سورة البقرة الآية 196 فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فأوجب على المحصر دما ونهاه عن الحلق حتى يذبح هديه، فلو كان ذبحه في الحل جائزا لذبح صاحب الأذى هديه عن الإحصار وحل به واستغنى عن فدية الأذى، فدل على أن الحل ليس بمحل الهدي، فإن قيل هذا فيمن لا يجد هدي الإحصار. قيل له لا يجوز أن يكون ذلك خطابا فيمن لا يجد الدم؛ لأنه خيره بين الصيام والصدقة والنسك، ولا يكون مخيرا بين الأشياء الثلاثة إلا وهو واجد لها؛ لأنه لا يجوز التخيير بين ما يجد وبين ما لا يجد، فثبت بذلك أن محل الهدي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير