تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هو الحرم دون محل الإحصار. ومن جهة النظر لما اتفقوا في جزاء الصيد أن محله الحرم وأنه لا يجزئ في غيره، وجب أن يكون كذلك حكم كل دم تعلق وجوبه بالإحرام، والمعنى الجامع بينهما تعلق وجوبهما بالإحرام، فإن قيل قال الله تعالى: سورة الفتح الآية 25 هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وذلك في شأن الحديبية، وفيه دلالة على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه نحروا هديهم في غير الحرم لولا ذلك لكان بالغا محله، قيل له هذا من أول شيء على أن محله الحرم؛ لأنه لو كان موضع الإحصار هو الحل محلا للهدي لما قال تعالى: سورة الفتح الآية 25 وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ فلما أخبر عن منعهم

(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 49)

الهدي عن بلوغ محله دل ذلك على أن الحل ليس بمحل له، فإن قيل: فإن لم يكن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ذبحوا الهدي في الحل فما معنى قوله تعالى: سورة الفتح الآية 25 وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ قيل له: لما حصل أدنى منع جاز أن يقال إنهم منعوا، وليس يقتضي ذلك أن يكون أبدا ممنوعا، ألا ترى أن رجلا لو منع رجلا حقه جاز أن يقال: منعه حقه، كما يقال: حبسه، ولا يقتضي ذلك أن يكون أبدا محبوسا، فلما كان المشركون منعوا الهدي بديا من الوصول إلى الحرم جاز إطلاق الاسم عليهم بأنهم منعوا الهدي عن بلوغ محله وإن أطلقوا، ألا ترى أنه قد وصف المشركين بصد المسلمين عن المسجد الحرام، وإن كانوا قد أطلقوا إليهم بعد ذلك الوصول إليه في العام القابل، وقال الله - عز وجل -: سورة يوسف الآية 63 قَالُوا يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ وإنما منعوه في وقت وأطلقوه في وقت آخر، فكذلك منعوا الهدي بديا ثم لما وقع الصلح بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبينهم أطلقوه حتى ذبحه في الحرم، وقيل: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - ساق البدن ليذبحها بعد الطواف بالبيت فلما منعوه من ذلك قال الله تعالى: سورة الفتح الآية 25 وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ لقصوره عن الوقت المقصود فيه ذبحه، ويحتمل أن يريد به المحل المستحب فيه الذبح وهو عند المروة أو بمنى، فلما منع ذلك أطلق ما فيه ما وصفت. وقد ذكر المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أن الحديبية بعضها في الحل وبعضها في الحرم، وأن مضرب النبي - صلى الله عليه وسلم -

(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 50)

كان في الحل، ومصلاه كان في الحرم، فإذا أمكنه أن يصلي في الحرم فلا محالة قد كان الذبح ممكنا فيه، وقد روي أن ناجية بن جندب الأسلمي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ابعث معي الهدي حتى آخذ به في الشعاب والأودية فأذبحها بمكة، ففعل، وجائز أن يكون بعث معه بعضه ونحر هو بعضه في الحرم والله أعلم الجصاص ج1 ص339 - 341. المتوفى سنة 370هـ. .

الفقه المالكي

1 - قال مالك في المدونة الكبرى: رسم في الدم ما يصنع به؟

قلت فهذا الدم كيف يصنع به في قول مالك؟ قال: قال مالك: يقلده ويشعره ويقف به في عرفة مع هدي تمتعه فإن لم يقف به بعرفة لمن يجزه إن اشتراه في الحرم إلا أن يخرجه إلى الحل فيسوقه من الحل إلى مكة ويصير منحره بمكة، قلت لابن القاسم: ولم أمره مالك أن يقف بهذا الهدي الذي جعله عليه لتأخير الحلاق بعرفة، وهو إن حلق من أذى لم يأمره بأن يقف بهديه؟ قال: قال مالك: ليس من وجب عليه الهدي لترك الحلاقة مثل من وجب عليه النسك من إماطة الأذى؛ لأن الهدي إذا وجب لترك الحلاقة فإنما هو هدي، وكل ما هو هدي فسبيله سبيل هدي المتمتع والصيام فيه إن لم يجد، ثلاثة أيام في الحج وسبعة بعده، ذلك ويكون فيه الطعام، وأما نسك الأذى فهو مخير إن شاء أطعم وإن شاء صام وإن شاء نسك والصيام فيه

(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 51)

ثلاثة أيام والنسك فيه شاة والطعام فيه لستة مساكين مدين مدين بمد النبي - صلى الله عليه وسلم - فهذا فرق ما بينهما المدونة الكبرى للإمام مالك ج1 ص393. .

2 - فيمن أحصر بمرض ومعه هدي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير