تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الثاني: يجزئه لأن المقصود هو اللحم وقد أوصل ذلك إليهم، وإن وجب عليه طعام لزمه صرفه إلى مساكين الحرم قياسا على الهدي، وإن وجب عليه صوم جاز أن يصوم في كل مكان؛ لأنه لا منفعة لأهل الحرم في الصيام. وإن وجب عليه هدي وأحصر عن الحرم جاز له أن يذبح ويفرق حيث أحصر، لما روى ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج معتمرا فحالت كفار قريش بينه وبين البيت، فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية، وبين الحديبية وبين الحرم ثلاثة أميال؛ ولأنه إذا جاز أن يتحلل في غير موضع التحلل لأجل الإحصار جاز أن ينحر الهدي في غير موضع الهدي، فكما قال الأصحاب: الدماء الواجبة في الحج لها زمان ومكان.

وأما المكان فالدماء الواجبة على المحرم ضربان: واجب على المحصر بالإحصار، أو بفعل محظور أو الضرب واجب على غير المحصر، فيختص بالحرم، ويجب تفريقه على مساكين

(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 60)

الحرم سواء الغرباء الطارئون والمستوطنون، لكن الصرف إلى المستوطنين أفضل، وله أن يخص به أحد الصنفين، نص عليه الشافعي واتفقوا عليه، وفي اختصاص ذبحه بالحرم خلاف، حكاه المصنف وآخرون وجهين، وحكاه آخرون قولين (أصحهما) يختص، فلو ذبحه في طرف الحل ونقله في الحال طريا إلى الحرم لم يجزئه، والثاني: لا يختص، فيجوز ذبحه خارج الحرم بشرط أن ينقله ويفرقه في الحرم قبل تغير اللحم، وسواء في هذا كله دم التمتع والقران وسائر ما يجب بسبب في الحل أو الحرم، أو بسبب مباح كالحلق للأذى، أو بسبب محرم. وهذا هو الصحيح.

وفي القديم قول أن ما أنشئ سببه في الحل يجوز ذبحه وتفرقته في الحل قياسا على دم الإحصار، وممن حكى هذا القول وفي وجه ضعيف: أن ما وجب بسبب مباح لا يختص ذبحه وتفرقته بالحرم. وفيه وجه أنه لو حلق قبل وصوله الحرم وذبح وفرق حيث حلق جاز وكل هذا شاذ ضعيف والمذهب ما سبق.

قال الشافعي والأصحاب: يجوز الذبح في بقاع الحرم قريبها وبعيدها لكن الأفضل في حق الحاج الذبح بمنى وفي حق المعتمر المروة؛ لأنهما محل تحللهما وكذا حكم ما يسوقانه من

(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 61)

الهدي المجموع شرح المهذب ص411 - 413 ج 7. .

4 - قال القاضي حسين في الفتاوى لو لم يجد في الحرم مسكينا لم يجز نقل الدم إلى موضع آخر سواء جوزنا نقل الزكاة أم لا لأنه وجب لمساكين الحرم، كمن نذر الصدقة على مساكين بلد فلم يجد فيه مساكين، يصبر حتى يجدهم، ولا يجوز نقله بخلاف الزكاة على أحد القولين؛ لأنه ليس فيها نص صريح بتخصيص البلد لها بخلاف الهدي المجموع شرح المهذب ص 413 ج 7. .

5 - (ويجب صرف لحمه) وجلده وبقية أجزائه من شعره وغيره، فاقتصاره على اللحم؛ لأنه الأصل فيما يقصد منه فهو مثال لا قيد (إلى مساكينه) أي: الحرم وفقرائه القاطنين منه والغرباء والصرف إلى الأول أولى إلا أن تشتد حاجة الثاني فيكون أولى، وعلم من كلامه عدم جواز أكله شيئا منه، وبه صرح الرافعي في كتاب الأضحية وأنه لا فرق بين أن يفرق المذبوح عليهم أو يعطيه بجملته لهم وبه صرح الرافعي أيضا في الكلام على تحريم الصيد ويكفي الاقتصار على ثلاثة من فقرائه أو مساكينه وإن انحصروا؛ لأن الثلاثة أقل الجمع، فلو دفع إلى اثنين مع قدرته على ثالث ضمن له أقل متمول كنظيره من الزكاة، وإنما لم يجب استيعابهم عند الانحصار كما في الزكاة؛ لأن المقصود هنا حرمة البلد ثم سد الخلة وتجب النية عند التفرقة، كما قاله الروياني وغيره، ويؤخذ من التشبيه بالزكاة الاكتفاء بالمتقدمة عليها واقتصاره فيما

(الجزء رقم: 45، الصفحة رقم: 62)

مر على الدم الواجب بفعل حرام أوترك واجب مثال إذ دم التمتع والقرآن كذلك. ودفع الطعام لمساكين الحرم لا يتعين لكل منهم مد في دم التمتع ونحوه مما ليس دمه دم تخيير وتقدير، أما دم الاستمتاعات ونحوها مما دمه دم تخيير وتقدير، فلكل واحد من ستة مساكين نصف صاع من ثلاثة آصع كما مر، ولو ذبح الدم الواجب بالحرم ثم سرق أو غصب منه قبل التفرقة لم يجزئه. نعم هو مخير بين ذبح آخر وهو أولى، أو شراء بدله لحما والتصدق به؛ لأن الذبح قد وجد، وإنما لم يتقيد ذلك بما لو قصر في التفرقة وإلا فلا يضمن، كما لو سرق المال المتعلق به الزكاة؛ لأن الدم متعلق بالذمة والزكاة بعين المال،

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير