ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[28 - 09 - 06, 08:27 ص]ـ
الحسابات قطعية يقينية منذ عهد البابليين والهنود والصينيين والإغريق والرومان ..
ثم علماء الفلك من المسلمين .. فكيف بها اليوم وقد بلغ العلم الكوني ما شاء الله له أن يبلغ؟.
مَا زِلْتُ أَقُولُ: هَذَا تَحْرِيرٌ بَالِغُ الإِجَادَةِ، جَامِعٌ بَيْنُ الْمَعْرِفَةِ بِالْعُلُومِ الْكَوْنِيَّةِ وَالْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي تُجَامِعُهَا فِي إِفَادَةِ الْعِلْمِ الْمُوجِبِ الْعَمَلَ بِمُقْتَضَاهُ.
لَقَدْ اسْتَطَاعَتْ الدُّولُ الْغَرْبِيَّةُ الْمُلْحِدَةُ اعْتِمَادَاً عَلَى قَطْعِيَّةِ الْحِسَابَاتِ الْفَلَكِيَّةِ الْوُصُولَ إِلَى الْقَمَرِ وَالْمَرِيخِ، وَلَيْسَ مَعَ الْمُتَشَكِّكِ فِي ذَلِكَ إِلا نَفِي الْوَقَائِعِ الَّتِى يَجْزِمُ بِصِدْقِ الإِخْبَارِ بِهَا الْخَاصُّ وَالْعَامُ مِنْ عُقْلاءِ الْمُسْلِمِينَ. ثُمَّ مَا أَخْبَرَتْ عَنْهُ الْحِسَابَاتِ الْفَلَكِيَّةِ فِي السَّنَوَاتِ الْقَرِيبَةِ الْمَاضِيَةِ عَنْ مَوَاقِيتِ الْخُسُوفِ وَالْكُسُوفِ، فَهُوَ مِنْ أَمْثَلِ الأَدِلَّةِ وَأَوْضَحِهَا عَلَى قَطْعِيَتِهَا، فَقَدْ وَافِقَتْ الْوَقَائِعُ هَذِهِ الْحِسَابَاتِ الْفَلَكِيَّةِ لأَقْرَبِ ثَانِيَةٍ زَمَنِيَّةٍ ابْتِدَاءَاً وَانْتِهَاءَاً. ثُمَّ هَذِهِ التَّقَاوِيْمُ الَّتِى يَجْرِي الْعَمَلُ عَلَى وِفَاقِهَا وَحِسَابَاتِهَا فِي بِقَاعِ الْمَعْمُورَةِ أَلَيْسَتْ دَلِيلاً كَافِيَاً عَلَى مَا نَحْنُ بِصَدَدِهِ؟!.
ألَمْ يَقُلِ اللهُ تَعَالَى «الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ». قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَأبُو مَالِكٍ وَغَيْرُهُمَا: بِحِسَابٍ وَمَنَازِلَ. وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ: يُحْسَبُ بِهِمَا الدَّهْرُ وَالزَّمَانُ، لَوْلا اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَمْ يُدْرِكْ أَحَدٌ كَيْفَ يَحْسُبُ شَيْئَاً، لَوْ كَانَ الدَّهْرُ لَيْلاً كُلَّهُ كَيْفَ يَحْسُبُ!، أَوْ نَهَارَاً كُلَّهُ كَيْفَ يَحْسُبُ!.
وَعَلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ: فَهُمَا يَجْرِيَانِ بِحِسَابٍ مُقَدَّرٍ فِي بُروجِهِمَا وَمَنَازِلِهِمَا بِحَيْثُ يَنْتَظِمُ بِذَلِكَ أُمُورُ الْخَلْقِ تَحْتَهُمَا، وَيَخْتَلِفُ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَالْفُصُولُ وَالأَوْقَاتُ، وَتُعْلَمُ السُّنُونَ وَالْحِسَابُ، وَهَذَا شَبِيهٌ بِمَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورَاً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللهُ ذَلِكَ إِلا بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ. إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ»، وَقَوْلِهِ تَعَالَى «وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً».
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[28 - 09 - 06, 10:19 ص]ـ
أخي الفاضل الشيخ الفهم الصحيح
جزاك الله خيرا وبارك فيك
إذا كان الأمر كما ذكرت فلِم أعرض علماء المسلمين قرونا متطاولة عن القول بنفي الرؤية لانتفاء ولادة الهلال؟
حفظكم الله ورعاكم,,,,,,,
وفيك بارك الله أيها الفاضل الكريم ... سؤال وجيه وارد.
يجيبك عليه العلامة السبكي الكبير - رحمه الله - فيقول بعد كلام ضمن فصل < وعلى القاضي التثبت في اثبات ذلك > في رسالته الشهيرة " العلم المنشور في إثبات الشهور " صـ 24: ( ... وهذه المسألة - دعوى الرؤية مع استحالة ذلك فلكيا - لم نجدها مسطورة فتفقهنا فيها، ورأينا فيها عدم قبول الشهادة، وإنما سكت الفقهاء عنها لأنها نادرة الوقوع، ولما وقعت في هذا الزمان احتجنا إلى الكلام فيها، والفقه بحر لا ساحل له، ومسائله تتجد بتجدد وقائعه، وقد رأينا من يوثق بعقله ودينه يغلط في رؤية الهلال كثيرًا، وسمعنا عن بعض الجهال أنه يقصد التدين بالشهادة بذلك، ويعتقد أن له بذلك أجر من صام بقوله، وسمعنا عن بعض السفهاء أنه يقصد بذلك ترويج تزكيته وثبوت عدالته، وللناس أغراض مختلفة، فإذا سلمت البينة من هذه الأمور كلها، وسلم موضع الهلال من الموانع، وحاسة الشاهد من الآفات؛ قبلناه إذا جوزنا الرؤية، فإن أحلناها بدليل قام عندنا لم نقبل تلك الشهادة، وحملناها على الغلط أو الكذب، ولم نكن بذلك خارجين عن القانون الشرعي، لأن دلالة الحساب القطعي أو القريب من القطعي على عدم الإمكان أقوى من الريبة، والريبة موجبة لرد الشهادة ... ) الخ كلامه.
¥