تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

العلم بالعادة في الكسوف والخسوف فإنما يعرفه من يعرف حساب جريانهما، وليس خبر الحاسب بذلك من باب علم الغيب، ولا من باب ما يخبر به من الأحكام التي يكون كذبه فيها أعظم من صدقه).

وقال رحمه الله: (وكسوف الشمس إنما يكون وقت استسرار القمر آخر الشهر، وخسوف القمر إنما يكون ليالي الإبدار الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، كما أن الهلال قد يكون ليلة الثلاثين، أو الحادي والثلاثين وهذا الذي أجرى الله به عادته في حركات الشمس والقمر، وما ذكره بعض الفقهاء من تقدير اجتماع الكسوف وصلاة العيد فهذا لم يقله أحد من الصحابة، ولا ذكره أكثر العلماء، لا أحمد، ولا غيره، ولكن ذكره طائفة من الفقهاء من أصحاب الشافعي وأحمد، وغيرهما تبعاً لما ذكره الشافعي، فإنه رضي الله عنه لما تكلم فيهما إذا اجتمع صلاتان كيف يصنع، وذكر أنه يقدم ما يفوت على ما لا يفوت، ذكر من جملة التقدير صلاة العيد والكسوف طرداً للقاعدة، مع إعراضه عن كون ذلك يقع أو لا يقع، كما يقدر الفقهاء مسائل كثيرة كطرد القياس مع إعراضهم عن وقوع ذلك في الوجود، بل يقدرون ما يعلمون أنه لا يقع عادة، كعشرين جدة، وفروع الوصايا، فجاء بعض الفقهاء فأخذ يكابر ويقول: إن هذا قد يقع).

قال أبو عبد الرحمن: وجاء العلم الحديث ولم يبطل قول أسلافنا، بل أقره، واليقين في قلوبنا من نتائج العلم الحديث الحسية، وما سبق إليه تحقيق علماء الأمة، كالذين مر ذكرهم لا يقل عن شهادة الشهود العدول الذين يحكم القضاء برؤيتهم، وحينئذ يجب على القضاء الموازنة بين البينات من شهود الشهود، وحقائق العلم، وتحقيقات العلماء.

والموازنة كيفها الشرع ببدهياته، فقد أطال ابن قيم الجوزية النفس بكتابه (إعلام الموقعين) عن عموم البينة، وأنها ليست وقفاً على شهادة الشهود، وليست شهادة الشهود أقوى البينات.

والقاعدة الفكرية الشرعية: أن الظني يرد بالقطعي.

ومن منقولات اللهيب: قول ابن العربي في الأحكام: (الشاهد إذا قال ما قام الدليل على بطلانه فلا تقبل شهادته).

5 - من قال: يعرف الهلال بغير شهادة الشهود لا يحكم بأنه عصى الله حتى يثبت أن ما قاله معارضاً لبيان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه غير معذور باجتهاده.

وأقول هذا احتياطاً لإعراض سلف من علماء الأمة ذوي علم وفضل أخذوا بالمشترك اللفظي من قوله صلى الله عليه وسلم: (فأقدروا له) إذ يتناول الإكمال للثلاثين، والحساب، والعدد.

فمنهم مطرف بن عبد الله بن الشخير من كبار التابعين، ومتكلم أهل والجماعة ابن قتيبة قالا: يعول على الحساب عند الغيم، أخذاً بالمشترك من قوله صلى الله عليه وسلم: (فأقدروا له) وبه قال بعض أصحاب أبي حنيفة، والشافعي، كأبي العباس ابن سريج، وأبي جعفر الطحاوي، إلا أنه اعتبر إكمال الثلاثين ناسخاً لكلمة (فأقدروا له) على أن ابن عبد البر ضعّف نسبة المذهب إلى ابن الشخير.

6 - من قال: إثبات الهلال ليس وقفاً على شهادة الشهود بل تراعى البينات الحسية فليس عاصياً لله ورسوله، ولم يجئ بشيء يزعم أنه يعلم به دخول الشهر غير ما بينه الشارع، وإنما دعا إلى إدخال الشهر وفق طرق الإثبات الشرعي.

قال أبو عبد الرحمن: ومن مشكل الحديث، حديث أبي بكرة رضي الله عنه في صحيح البخاري: (شهران لا ينقصان: شهرا عيد رمضان وذو الحجة) ففي معنى هذا الحديث الشريف عدة أقاويل استوفاها ابن حجر في (فتح الباري) منها مذهب الإمامين أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه: أنهما لا ينقصان في سنة واحدة، وبذلك قال أبو بكر أحمد بن عمرو البزار.

قال الحافظ ابن حجر: (يدل عليه رواية زيد بن عقبة: عن سمرة بن جندب مرفوعاً: شهرا عيد لا يكونان ثمانية وخمسين يوماً).

قال أبو عبد الرحمن: يلزم من أخذ بهذا المذهب أن يرد شهادة الشهود بنقص شهر رمضان وذي الحجة في عام واحد إلى هذا الحديث.

قال الحافظ ابن حجر عن حديث سمرة بن جندب: (وأما ما ذكره البزار من رواية زيد بن عقبة: عن سمرة بن جندب: فإسناده ضعيف، وقد أخرجه الدارقطني في الأفراد، والطبراني من هذا الوجه بلفظ: [لا يتم شهران ستين يوماً]).

وقال أبو الوليد بن رشد: (إن ثبت فمعناه لا يكونان ثمانية وخمسين في الأجر والثواب).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير