ومن الواضح فان تشخيص الطريق والتاكد من صحته كفيل بالوصول للغرض المنشود، ومن هنا فان الملاحظ في جميع المشاريع الموسوعية الفقهية اعتمادها الاسلوب المشار اليه، فقد قامت الموسوعة المصرية والموسوعة الكويتية ودائرة معارف الفقه الاسلامي طبقا لمذهب اهل البيت: بتعجيم بعض المصادر الرئيسة لدى المذاهب الاسلامية كانطلاقة اولى نحو موسوعة فقهية كاملة.
والحقيقة التي يلزم التنويه اليها هي ان هذه المعاجم في
واقعها موسوعات فقهية ولكن ضمن دائرة اضيق، فاذا كانت الموسوعة الكاملة تستعرض الراي الفقهي من خلال آراء المذاهب الاربعة فان المعجم يعرض ذلك من زاوية مذهبية واحدة.
وعلى هذا الاساس فانا نشير لبعض ما توفر لدينا من تلك الفهارس والمعاجم. وقبل الاتيان على ذلك تنبغي الاشارة الى ان امهات المصادر التي تمت فهرستها وتعجيمها تنقسم الى قسمين: فبعضها وضعت في الفقه المذهبي البحت، كحاشية ابن عابدين في الفقه الحنفي وبعضها موضوعة في الفقه العام كالمحلى لابن حزم الظاهري، والمغني لابن قدامة في الفقه الحنبلي. وسنتعرض لقراءة في بعض هذه المعاجم:
[ا] معجم جواهر الكلام:
يعتبر كتاب (الجواهر) للمحقق الشيخ محمد حسن النجفي (المتوفى 1266ه)، من ارقى مصادر الفقه الامامي في الفترة المتاخرة، لما يحويه من جودة الترتيب ووفرة التفريع ودقة البحث والتدليل. مما جعل له الصدارة والتفوق، فصار المرجع الذي لا يحيد عنه باحث، ولا يشذ عن مراجعته دارس. وعلى ضوء ذلك تم اختياره للتعجيم ليكون النواة الاولى لمشروع دائرة معارف الفقه الاسلامي طبقا لمذهب اهل البيت عليهم السلام، وقد صدر في ستة مجلدات من القطع الرحلي، كان الاول منها عام 1417ه، وهو عبارة عن خلاصات المطالب والآراء الواردة في كتاب الجواهر مرتبة بحسب الترتيب الالفبائي مع الاشارة الى شتات المسائل المتعلقة بكل بحث لتتكامل الصورة عنه. والمصطلح الاول في المعجم هو مصطلح «ائمة اهل البيت عليهم السلام».
يمتاز هذا المعجم بكثرة العناوين الواردة فيه، رغم انه يعتبر التجربة الاولى على صعيد الفقه الامامي والتي نامل ان لا تكون الاخيرة، وان تردفها اعمال تعجيمية اخرى لمصادر الفقه سيما المتقدمة منها; ليسهل تناولها وتيسير الرجوع اليها، فانها حقيقة بهذه الخدمة والانجاز.
[ب] فهرس حاشية ابن عابدين الموسوم ب (موسوعة موجز الفقه الاسلامي):
يقع هذا الفهرس في مجلد واحد من القطع الكبير في 311 صفحة مرتبا حسب الحروف قام باعداده المحامي احمد مهدي الخضر، وطبع سنة 1383ه 1963 م. ويبتدى ء الفهرس بلفظة «اب» وينتهي بلفظة «يوم».
وقد كان هذا الفهرس اول فهرس فقهي ينشر على صعيد العالم الاسلامي اجمع قارن فيه المؤلف بين الاحكام الشرعية والقوانين الحقوقية في مختلف جوانبها المدنية والجزائية والادارية والدستورية والدولية، موضحا الفقرة والمادة القانونية مع ما يناسبها من الاحكام الفقهية.
قدم هذا الفهرس في الخمسينات الى لجنة موسوعة الفقه الاسلامي في كلية الشريعة بدمشق، التي كانت قد فهرست قبل ذلك «المحلى» لابن حزم الظاهري ولم يطبع، وكانت ايضا تفكر في فهرسة بعض امهات الكتب الفقهية الاخرى منها حاشية ابن عابدين، فوجدت في هذا الفهرس ضالتها، وحظي لديها بالقبول بعد ان نظرت فيه فابدت بعض الملاحظات الضرورية للمؤلف، التي كان منها التوسع في الفهرس واخراجه عن حد الاختصار، فاستجاب المؤلف وادخل بعض التعديلات المقترحة.
يقول رئيس لجنة الموسوعة بدمشق الاستاذ معروف الدواليبي:
«تبنت كلية الشريعة في جامعة دمشق العمل على اخراج هذه الموسوعة، ورات ان في مقدمة الاعمال التمهيدية لهذا العمل الجليل هو وضع فهرس لبضعة كتب من امهات الكتب الفقهية في مختلف المذاهب على الطريقة الابجدية ... ولقد كان سرور لجنة موسوعة الفقه الاسلامي في كلية الشريعة بدمشق عظيما جدا عندما علمت ان الاستاذ الكريم السيد احمد مهدي الخضر قد وضع فهرسا ابجديا لحاشية ابن عابدين، وها هو اليوم قد اقدم على طبعه، فقدم بذلك خدمة طيبة مباركة لمراجعي حاشية ابن عابدين وما فيها من درر واحكام ... ».
¥