ـ[نصر الدين المصري]ــــــــ[02 - 10 - 06, 08:19 م]ـ
الشيخ أبو مالك:
أقول لك: هل هذا القول يحتمل الصواب في نفس الأمر؟ ليس عندي ولا عندك ولا عند أحد
أرجو أن تجيب عن هذا السؤال، وكفاك مراوغة بالله عليك.
سؤالك بلا معنى، فالقول في ذاته لا يُقال عنه أنه يحتمل الصواب، فهو إما يكون صوابا أو لا يكون كذلك، و إنما احتمال الصواب يكون عند من يتلقى القول من الناس ..
و لا يمكنك فصل القول عن متلقيه، لأن القول لا يكون قولا إلا بوجود من يقوله، و لا يتعدى القول قائله إلا بوجود من يتلقاه. و حديثنا هنا عن أقوال تلقاها الناس.
و أنا لا أراوغ و قد أجبتك، عن سؤالك و قلت:
أقول:
البرهان هو الحجة التي تنفي احتمال الصواب ..
هذا القول لا يحتمل الصواب عند كل من صح عنده البرهان على بطلانه، بينما يحتمل الصواب عند كل من لم يصح عنده البرهان على بطلانه.
فلو فرضنا أن هناك من لا يعرف عن الإمام مالك إلا القليل، فلابد أن يحتمل هذا القول الصواب عنده، و سيبقى على ذلك حتى يأتيه البرهان على بطلان هذا القول.
و لذلك رد العلماء على شبهات كل الفرق الضالة، لأنهم لو لم يردوا عليها فستبقى أقوالها تحتمل الصواب عند كل من لم يقف على برهان إبطال هذه الأقوال. و لم يكتف أحد هؤلاء العلماء بالقول) إن قول هذه الفرقة باطل بدليل أنه لم يسبقهم إليه أحد (.
و قولك لم يسبق أحد إلى تضعيف الإمام ليس ببرهان، لأنك لا تستطيع الجزم أنك وقفت على أقوال كل أحد في الإمام، و بالتالي فمقولتك لا برهان عليها، و لا سبيل لإثباتها أصلا.
فإن كنت لم تفهم المعنى، فهذه ليست مشكلتي.
و أنت حتى الآن لم تأت بالدليل على تكفل الله بحفظ الفهوم الصحيحة في كل المسائل، و هذا هو الأساس الذي تبني عليه قولك،
و كما أنك لم ترد على سؤالي حول فهوم الفقهاء التي لم يسبقهم إليها أحد من الصحابة؟
إن قلت أنها تحتمل الصواب فقد أبطلت قولك، لأنك تقر بذلك أن الفهم الذي لم يعلم له القائل سابقا يحتمل الصواب، و إن قلت أنها لا تحتمل الصواب فقد أبطلت أكثر كتب الفقهاء و المفسرين.
أنت وأصحابك دائما تطالبون بذكر الأسانيد الصحيحة، وأنت هنا لم تذكر سندا واحدا عن واحد من السلف أنكر كروية الأرض، ثم تدعي أن السلف أجمعوا على ذلك؟! هل ادعيت أن السلف أجمعوا على ذلك؟
عليك أن تنقل من كلامي ما يثبت ذلك أو يكون ذلك دليلا على فهمك الخاطئ!!!
عموما هذا نص كلامي:
فهوم السلف ليست من الذكر الذي تكفل الله بحفظه، و لذا فمن المحتمل ألا يُحفظ الفهم الصحيح في مسألة ما أو في معنى آية، و قد ضربت لك مثلا كيف أن ما وصلنا عن السلف ينفي صفة الكروية عن الأرض عند تفسير الآيات الواصفة للأرض، و أنت أمام خيارين إما أن تقول أنهم جميعا أخطأوا في فهم الآيات، فتكون قد خالفت نفسك، و إما أن تقول أن هناك من أصاب في فهمها و أدرك كروية الأرض و لكن فهمه لم يصلنا، فتقر أن الله لم يتكفل بحفظ فهوم السلف. و إنما تكفل بحفظ الذكر وحده.
مسألة كروية الأرض ليست من مسائل الشرع، فلا تعلق لها بموضوعنا، نحن نتحدث عن فهم السلف للآيات الواصفة لخلق الأرض، أليس ذلك من فهم النصوص، فكيف لا علاقة له بموضوعنا؟
أنت تقعّد قاعدةً عامة خطيرة جدا، فهل يصح أن تقعّد هذه القاعدة استنادا لمثال واحد؟!
لم أقعد قاعدة، و إنما أبطلت قاعدة لا برهان عليها، و دليل الإبطال لا ينحصر في هذا المثال، كيف تتجاوز كل ما سقته في الموضوع و تحصر دليل القاعدة في هذا المثال؟
و بارك الله فيكم
ـ[نصر الدين المصري]ــــــــ[02 - 10 - 06, 08:22 م]ـ
أخي الفاضل ابن سفران الشريفي:
الأول: الآية تدل بلفظها على أن من كان يدعي أنه صادق فليأت ببرهانه، هذه القضية المذكورة في الآية، وأنت ألحقت بها قضية ثانية، وهي أن من كان معه البرهان فلا يجب أن يسأل من سبقك إلى هذا القول، فأحببت أن أسألك عن هذا الإلحاق هل هو بدلالة اللفظ أم بأي دلالة مع توضيحها.
أرى و الله أعلم أنك لم تقرأ الردود كاملة ..
فأنا لم ألحق قضية بأخرى، و إنما أنكرت أن يتجاوز المعترض عن البرهان و النظر فيه و يجعل دليل إبطال القول هو أنه لم يسبق إليه أحد.
فلو كان برهان صاحب القول برهانا حقيقيا، فلا سبيل إلى رد القول، و إن كان لم يكن كذلك فرد القول يكون بتفنيد ما يحسبه صاحب القول برهانا و بيان بطلانه بالدليل.
و قد تكفل النص بيان ذلك فقال تعالى:) وما أنزلنا عليك الكتاب إلا لتبين لهم الذي اختلفوا فيه وهدى ورحمة لقوم يؤمنون)
و السؤال (من سبقك إلى هذا القول) لا بأس به، و لكنه ليس دليلا على شئ، فلا أحد يستطيع الجزم بأنه وقف على أقوال كل العلماء في المسألة المطروحة لأن الله تعالى لم يتكفل بحفظ أقوال العلماء في كل المسائل مثلما تكفل بحفظ الذكر.
الثاني: هل قولك أنه لا يسأل من قال قولاً عمن سبقه، هل هو في كل المسائل أم بعضها؟ وهل لقائل أن يقول في العقيدة بقول لا يعرف له سابقاً فيه؟
ما دام القول يستند إلى البرهان القطعي ففي كل المسائل ..
و لكن مسائل العقيدة ليست كغيرها .. لأنها علم و ليست عمل.
و يجب ألا يقول أحد في العقيدة قولا غير النص وحده. فهذا كان هدي الصحابة رضي الله عنهم.
و أكثر أقوال الفقهاء -بعد عصر الصحابة -في العقيدة لم يسبقهم إليها أحد من الصحابة. لأن الصحابة اكتفوا بالنص وحده. و هذا لا ينفي اتفاق العقيدة. عدا ما ندر من المسائل، كمسألة الإرجاء مثلا التي خالف فيها أبو حنيفة باقي الأئمة، و لم تُحفظ عن الصحابة، و بعض مسائل التكفير ككفر تارك الصلاة مثلا، و نحو ذلك.
¥