[أحكام آيات الصيام]
ـ[عبدالعزيز بن سعد]ــــــــ[04 - 10 - 06, 10:17 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الأحكام المستنبطة من آيات الصيام من سورة البقرة (183 - 187)
إعداد / عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:
فإن الله تعالى أنزل كتابه ليعمل به ولا يمكن ذلك إلا بمعرفة معانيه، وفي هذا البحث محاولة لجمع ما ذكره أهل العلم من أحكام آيات الصيام، ومن الله أستمد العون والتوفيق.
قوله تعالى:"ياأيها الذين آمنوا"، من أحكام هذه الآية:
1 - أن من شروط وجوب الضوم الإسلام وقد أجمع المسلمون على ذلك.، والتكليف؛ لأن غير المكلف غير مخاطبا بالأحكام، والمكلف هو البالغ العاقل. وأما الصبي الذي يطيق الصوم بعد بلوغه عشر سنين فإنه سؤمر به ويضرب على تركه ليعتاد على الصوم كما يؤمر بالصلاة، لا لأنه واجب عليه.
2 - وأن من توفرت الشروط أثناء النهار فإنه يمسك ويقضي، ووجه إمساكه أنه مخاطب بهذه الآية فالشروط متوفرة والموانع منتفية، ووجه وجوب القضاء فلأنه لا يصح صوم جزء من النهار وقياسا على الحائض. قال ابن قدامة في المقنع:" وإن أسلم كافر أو أفاق مجنون أثناء النهار أو بلغ صبي فكذلك- يعني لزمهم الإمساك والصوم- وعنه لا يلزمهم شيء" وذكر في الشرح الكبير أن المذهب الأول وفاقا لأبي حنيفة.
قوله تعالى:" كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون" فيه أن الصوم فرض وركن من أركان الإسلام وهذا بالإجماع، فمن أنكر وجوبه فقد كذب بالقرآن والمكذب به كافر.
قوله تعالى " أياما معدودات"، فيها من الأحكام ما يلي:
1 - أن الصوم الشرعي يكون بالإمساك عن المفطرات في من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس- وهو اليوم عند الإطلاق كما في المفردات. ومن ذلك يعلم أن الوصال غير مشروع، كما في حديث أيي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال. متفق عليه.
2 - أنه إذا قامت البينة في أثناء النهار فإنه يلزم الإمساك لوجود الشروط وانتفاء الموانع، ويلزم القضاء لأنه لم يصم يوما كاملا، ومثله من زال عذره وسط النهار، وعليه فتوى اللجنة الدائمة والشيخ ابن باز.
قوله تعالى:" فمن كان منكم مريضا" فيها من الأحكام ما يلي:
1 - الرخصة للمريض أن يفطر وقد نقل القرطبي أن المريض له حالتين:
الأولى: ألا يطيق الصوم بحال فعليه الفطر وجوبا.
الثانية: أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة فيستحب له الفطر. ونقل عن الجمهور أنه إذا كان به مرض يؤلمه ويؤذيه أو يخاف تماديه أو يخاف تزيده صح له الفطر.
وذكر الطبري رحمه الله أنه لا يعذر بالفطر إلا من كان الصوم جاهده جهدا غير محتمل وأما من كان الصوم غير جاهده فهو بمعنى الصحيح الذي يطيق الصوم فعليه أداء فرضه.
2 - وفيها أن المريض لو صام فقد فعل مكروها لإضراره بنفسه وتركه تخفيف الله تعالى.
قوله تعالى:" أو على سفر" قوله:"سفر" نكره في سياق الشرط فتعم كل ما يطلق عليه سفرا. وفي الآية من الأحكام ما يلي:
1 - الرخصة لمن كان مسافرا أن يفطر ولو كان سفره سفر معصية- وهو مذهب أبي حنيفة والظاهرية ورجحه شيخ الإسلام.
2 - وفيها أن كل ما أطلق عليه سفر فإنه مرخص للفطر وهو مذهب الظاهرية، ورجحه شيخ الإسلام، ونقلاه عن عدد من السلف. وذهب الأئمة الأربعة إلى تحديد السفر ولهم أدلة تراجع في المطولات.
3 - وفيها أن من سافر أثناء النهار فإنه يباح له الفطر، وهذا هو المذهب عند الحنابلة وهو قول الظاهرية خلافا للجمهور.
4 - وفيها أنه لا يفطر حتى يتحقق فيه وصف السفر بأن يخلف عامر البلد خلف ظهره.
5 - وفي قوله تعالى:" على سفر" دليل على أن الرخصة لمن كان مسافرا في الطريق، او لمن يصل إلى بلد وهو لا ينوي الإقامة التي تخرجه عن حد السفر. أما من وصل إلى بلد غير بلده وعزم على البقاء فترة تخرجه عن حد السفر عرفا – فإنه لا يترخص برخص السفر. وذلك لأن "على" تدل على الاستعلاء والاسقرار، ولقوله تعالى:" وإذا ضربتم في الأرض" ولقوله:" يوم ظعنكم ويوم إقامتكم"، فالناس إما ظاعن مسفر وإما مقيم ولا ثالث لهما.
¥