فهذا كله أقل ما يكون، هو إثبات عدالة وصدق ابن سيدان. وهو يحكي قصة حدثت معه، فالأمر لا يحتاج إلى أن يكون إماماً في الحفظ. وكل ما فيها أنه يقول أني صليت في الوقت الفلاني، وهو رجل صادق، فأين الإشكال في قبول أثره، لولا التعصب المذهبي؟ مع أنه يجب أن يكون ثقة عند ابن حجر وفق منهجه. وسأضرب مثالاً على هذا حتى يوقن المرء بذلك. قال ابن حجر في التهذيب (1
427) في ترجمة البراء بن ناجية: « .. وقال العجلي: "البراء بن ناجية من أصحاب ابن مسعود كوفي ثقة". وذكره ابن حبان في "الثقات". وأخرج هو والحاكم حديثه في صحيحيهما. وقرأت بخط الذهبي في الميزان: "فيه جهالة، لا يعرف" ... قلت: (ابن حجر): قد عرفه العجلي وابن حبان فيكفيه». كما أنه قال عنه في التقريب: «ثقة». أقول: وابن سِيْدان تابعي كبير مختلفٌ في صُحبته قد روى عنه أربعة ثقات واحتج به أحمد ووثقه ابن حبان والعجلي، أفلا يكفي هذا لتوثيقه عند ابن حجر؟!
على أن ابن حجر قد رفض توثيقه لأنه ظن أن ذلك الأثر الذي رواه قد خالف فيه من هو أوثق منه. فقال في "الفتح" (2
387): «عارضه ما هو أقوى منه. فروى ابن أبي شيبة من طريق سويد بن غفلة أنه صلى مع أبي بكر وعمر حين زالت الشمس. إسناده قوي». أقول: وهذا خطأ فادح جداً، وقد رد عليه الشيخ الألباني فأحسن وأجاد، فجزاه الله عنا وعن الإسلام خيراً.
قال الشيخ الألباني في تمام المنة (ص330): «صدق سويد رحمه الله، وأخطأ الحافظ (يقصد ابن حجر) ومن قلده كالمؤلف (سيد سابق) ومن قبله الشوكاني (3
221) في استدلالهم بهذا الأثر على ما ذكرنا، مع أنه ليس فيه ذكرٌ لصلاة الجمعة لا تصريحاً ولا تلويحاً. وهذا بناءً على السياق الذي ذكره الحافظ ونقلوه عنه، وهو في "الفتح" (2
387) كما نقلوا. وهو من أخطائه العجيبة التي لا أستطيع تصور صدورها من مثله. فإن هذا الأثر لا تعلق له هنا البتة، وإنما بصلاة الظهر. كذلك وقع التصريح به عند ابن أبي شيبة، أخرجه بسنده الصحيح عن ميمون مهران: أن سويد بن غفلة كان يصلي الظهر حين تزول الشمس، فأرسل إليه الحجاج: "لا تسبقنا بصلاتنا". فقال سويد: "قد صليتها مع أبي بكر وعمر هكذا، والموت أقرب إليّ من أن أدعها". أورده (1
322) تحت باب: "من كان يصلي الظهر إذا زالت الشمس ولا يبرد بها". إذا عرفت هذا، فلا يصح للمعارض المدعاة. لكن الحافظ ذكر عقبه آثاراً أخرى بمعناه عن عمر وغيره من الصحابة. لكن الحقيقة أن لا تعارض بينها وبين أثر ابن سيدان، كما لا تعارض بين الأحاديث الموافقة لها، وبين الموافقة له. فالصحابة (رضي الله عنهم) نقلوا الأمرين عن رسول الله ?، فكانوا -كما كان عليه السلام- يفعلون تارة هذا وتارة هذا، كما ذكرته في رسالتي "الأجوبة النافعة"».
ـ[أبو الزهراء الشافعي]ــــــــ[07 - 12 - 06, 04:27 م]ـ
قال الذهبي في ((ميزان الاعتدال)) في ترجمة مالك بن الخير الزبادي (6/ 5) ترجمة (7021):
روى عنه حيوة بن شريح, وهو من طبقته, وابن وهب, وزيد بن الحباب ورِشدين.
قال ابن القطان: هو ممن لم تثبت عدالته.
يريد انه ما نص أحد على أنه ثقة.
وفي رواة ((الصحيحين)) عدد كثير ما علمنا أن أحداً نص على توثيقهم. والجمهور على أن من كان من المشايخ قد روى عنه جماعة ولم يأت بما أنكر عليه أن حديثه صحيح.
وقد نقل السخاوي في ((فتح المغيث)) تعقب ابن حجر للذهبي بما نصه:
ما نسبه للجمهور لم يصرح به أحد من أئمة النقد إلا ابن حبان, نعم هو حقٌ فيمن كان مشهوراً يطلب الحديث والانتساب إليه.