الثاني: لا يعتبر أي حجم أو بعد للقمر عن الشمس، بل يحسبون مكان الهلال كما يُتوقع أن يظهر للراصدين، مهما كان عمره أو بعده عن الشمس. ويمكن أن نسمي هذه الطريقة "بحساب الرؤية"، وتتم بطريقتين:
الأولى: نسميها " حساب الرؤية العام ": وتكون بحساب ظروف الرؤية لمساحة كبيرة من الأرض (دولة مثلا) ويحدد أفضل الأماكن للرؤية، وهذه يحدث فيها خطأ حيث انه سيفترض أن ارتفاعات الراصدين عن سطح البحر، وظروفهم الجوية متقاربة.
الثانية: نسميها " حساب الرؤية الخاص ": فيكون الحساب لكل موقع بحسب مكانه وارتفاعه وظروفه الجوية وهذا أدق ما يمكن).
وقال: (وللأسف فإن كثيراً ممن يتحمس للحسابات يطبق نتائج حسابات غربية دون أن يفكر أن هذه الحسابات لم تصمم لغرض رؤية الهلال الشرعي أو لتوافق مفاهيم الشريعة الإسلامية) وقال: (وبالرغم من أن طريقة حساب الرؤية الخاص لم تعتمد عند كل الفلكيين إلا أن كثيراً يحسب على مبدئها، وقد قوُرنت نتائجها - وللحق لم يُعمل اعتبار كل الظروف بالدقة التي دعونا إليها سابقا- بشهادات رائي الهلال ولم يحدث اتفاق أيضا).
وذكر د. محمد بخيت المالكي - دكتوراه في الفلك من جامعة جلاسكو- نتائج بحثه: " ملاحظات على أسباب الاختلاف بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي لهلال الشهر الإسلامي "، ومنها:
(خلص البحث إلى النقاط التالية:
1 - أغلب الأساليب والتعاريف الفلكية لبداية الشهر الإسلامي لا تتفق مع التعريفات الشرعية.
2 - تلك الطرق التي تحاول أن تتقرب من التعريف الشرعي لبداية الشهر الإسلامي، لا زالت تواجه بعضاً من النواقص في تعريفات متغيراتها الأولية مثل:
أ) أثر الانكسار الجوي بدقة عالية (وهذا من الأمور الصعبة جداً).
ب) أثر ظاهرة السراب (وهو من الأمور الصعبة جداً).
جـ) الموقع الحقيقي للراصد وارتفاعه عن مستوى سطح البحر (وهذا ممكن لكن كل راصد سيُحسب له وحده).
3 - المرصد الفلكي البصري لا يمكنه أن يكون بديلا منافسا للعين البشرية، بل قد يصبح وبالا عليها في حالة محاولة رؤية الهلال وهو قريب من الشمس، حيث أنه لن يمكن رؤية الهلال هنا، لكن الراصد قد يفقد بصره خلال ثوان) ا. هـ
وسيأتي مزيد بيان عن المراصد الفلكية.
الحادي والعشرون: النسيء لازم للعاملين بالحساب الفلكي في دخول الشهر وخروجه:
قال الدكتور محمد بن صبيان الجهني السابق ذكره: (الشهر القمري عند الفلكيين يقصر فيصل إلى 29 يوما و 6 ساعات و 35 دقيقة ويطول فيصل إلى 29 يوما و19 ساعة و 55 دقيقة ومتوسطه 29 يوما و12 ساعة و 44 دقيقة. وهذا اصطدام مع النص النبوي القائل بأن الشهر إما 29 يوما أو 30 يوما).
قال: (فإن قال قائل نجبر هذا الكسر في الشهر فإن حصلت رؤية رمضان الحسابية, على سبيل التمثيل, في الساعة الثامنة صباحا نمسك من بعد فجر ذلك اليوم وإن حصلت رؤية هلال شوال الحسابية الساعة الرابعة بعد الظهر نتم ذلك اليوم قلنا له عدنا إلى الظن مرة أخرى ويجوز لنا بعد ذلك أن نختلف حول هذا الجبر متى يكون سلبا ومتى يكون إيجابا حتى يصبح مرة 29 يوما ومرة 30 يوما).
وقال: (ثم إن محاولة الجبر لهذه الأشهر لكي تصبح إما 29 يوما أو 30 يوما ليس لها معادلة ثابتة ذلك أن ولادة الهلال تحدث في أوقات مختلفة من كل شهر ولذلك أصبح جبر كسر الشهر القمري عند القائلين بالحساب متكلفا ومعتمدا على القياس والعقول المتفاوتة والتي خرجت بنا عن كل معقول ومنقول) ا. هـ
قلت: وهذا نوع من النسيء وهو لازم للعاملين بالحساب الفلكي في دخول الشهر وخروجه، وقد رد عليهم من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم بقوله: " إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ لَا نَكْتُبُ ولا نَحْسُبُ الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَمَرَّةً ثَلَاثِينَ " رواه البخاري ومسلم
¥