اعذرني يا أبا مالك حفظك الله ... فوالله ما قصدت أن أفسد ما بدأتَه ... ولكن أمر نزل بالأمة ولابدّ من دفعه والتصدي له ... فالقوم يعيبون أئمتنا ... فاليوم أبو حنيفة وغدا من يدري من التالي.
لم يكن جرح أبي حنيفة من جهة العدالة فقط بل من جهة العقيدة أيضا لقوله بالإرجاء و خلق القرآن، و قد صح ذلك عنه ..
كما قد ثبت بأسانيد صحيحة أيضا استتابته من الكفر أكثر من مرة ..
لم يكن الإمام الأعظم أبو حنيفة مجروح العدالة يوما ... وفي مسألة الإرجاء اجتهد فأخطأ ... فله أجر - إن شاء الله - ومنابذه من أجل ذلك من الجهلة والمشهر به = عليه وزر الطعن في أهل العلم ... والقول بخلق القرآن ما صح عنه ... وربما صح عن بعض أهل الحديث نسبة ذلك إليه ولكنه خلاف الواقع وحقيقة الأمر ... واعجب لرجل يستتاب من الكفر مرارا - حسب فهم بعض الناس - ويقول بخلق القرآن ويوصف بكذا وكذا ... ثم يكون إماما على مدى أكثر من اثنى عشر قرنا لشطر إمة الإسلام، والشطر الآخر مثن عليه بالخير، مقر بإمامته في الدين وفقهه وعلمه ... ففي عقل من يجوز هذا الكلام؟
قال الإمام أبو داود صاحب السنن - رحمه الله -: (رحم الله مالكا كان إماما، رحم الله الشافعي كان إماما، رحم الله أبا حنيفة كان إماما). نقله الحافظ ابن عبد البر في الانتقاء.
قال الطحاوي في عقيدته الشهيرة: (و علماء السلف من السابقين و من بعدهم من التابعين - أهل الخبر و الأثر و أهل الفقه و النظر- لا يذكرون الا بالجميل، ومن ذكرهم بسوء فهو على غير السبيل).
وقال الحافظ ابن عبد البر - رحمه الله -: (الذين رووا عن أبي حنيفة ووثقوه أكثر من الذين تكلموا فيه).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في مجموع الفتاوى مجموع الفتاوى 20/ 304: ( ... (ومن ظن بأبى حنيفة أو غيره من أئمة المسلمين أنهم يتعمدون مخالفة الحديث الصحيح لقياس أو غيره فقد أخطأ عليهم، وتكلم إما بظن وإما بهوى ... ).
وقال أيضا: في المنهاج 2/ 619 - 620: ( ... كما أن أبا حنيفة وإن كان الناس خالفوه في أشياء وأنكروها عليه؛ فلا يستريب أحد في فقهه وفهمه وعلمه وقد نقلوا عنه أشياء يقصدون بها الشناعة عليه وهي كذب عليه قطعا)
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب في بعض رسائله الخاصة: ( ... فتأمل - رحمك الله - ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أصحابه بعده و التابعون لهم باحسان إلى يوم الدين و ما عليه الائمة المقتدى بهم من أهل الحديث و الفقهاء كأبي حنيفة و مالك و الشافعي و أحمد بن حنبل -رضي الله عنهم أجمعين- لكي تتبع اثارهم ... ).
وأخيرا وليس آخرا قال الأخ العزيز أبو خالد السلمي من مشايخ ملتقانا هذا، ملخصا تلخيصا مليحا ما جاء في روايات بعض السابقين الأفاضل من أهل الحديث حول هذا العلم من أعلام الأمة قائلا: (الإمام أبو حنيفة إمام جليل من أئمة الإسلام، وهذه الروايات التي أوردها الشيخ مقبل غفر الله له وفيها الطعن على أبي حنيفة في دينه وعدالته لا تخلو من واحد أو أكثر من الأمور التالية:
1 - أنها روايات لا تثبت.
2) أن تكون قابلة للتأويل ويمكن حملها على معنى لا يتضمن القدح في الإمام أبي حنيفة.
3) أنها من كلام الأقران الذي يطوى ولا يروى.
4) أنها معارضة بما هو أرجح منها من ثناء الأئمة عليه.
5) أنها مخالفة لما استقر عليه إجماع الأمة من الثناء على أبي حنيفة وعلى دينه وأمانته وفقهه).
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=48846&highlight=%C7%E1%DE%CF%CD+%C7%E1%C5%E3%C7%E3
وعموما فهذه الفتنة التي أحيا بعض الأصاغر ذكرها بين أمة الإسلام متابعين لزلة فاضل من أئمة الدعوة اليوم؛ قد بدأت تحدث شرخا وجرحا في صف الأمة مع جروحها التي لم تندم بعدُ، بل ذهبوا يعيبون الأئمة الأعلام من متأخري المحدثين وفقهائهم بزعمهم أنهم لبسوا في ترجمة الإمام الأعظم - رحمه الله - وأخفوا ما كان ينبغي إظهاره، وهكذا يفعل الفهم السقيم بأهله، وإلى هذا يجر الغلو والشذوذ ... فالله حسيبهم على ما اجترؤوا عليه، ومجازيهم بأسوء ما كانوا يعملون، فليبكوا كثيرا وليضحكوا قليلا فقد أزفت الآزفة وعند الله تجتمع الخصوم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[06 - 11 - 06, 12:25 م]ـ
الأخ أبو مالك ...................
ما حكم من يخرج عن هذا الإجماع الذي استقر بعد خلاف؟
و هل هذا الإجماع أقل مرتبة من غيره؟
أخي الكريم
لا تظن بأخيك سوءا، فلم أكن أقصد التشنيع على أحد من أهل العلم.
وإنما مرادي محاولة حصر مسائل هذا الباب الذي لم أر من حصره من قبل.
وهذه المسائل التي ذكرتها مهمة، ولكنها خارجة عن محل البحث.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[06 - 11 - 06, 12:27 م]ـ
جزاكم الله خيرا على هذا المبحث الماتع
ولو جعلت شرطك: (المسائل التي قيل إن الخلاف انقرض فيها واستقر الإجماع على خلافها) لكان أحوط إذ فيها مسائل لم ينقرض فيها الخلاف بعد ولكن قيل انقرض.
جزاك الله خيرا شيخنا الكريم
وهذا ما كنت أعنيه وإن خانني التعبير، ولكن الغالبية من هذه المسائل انقرض فيها الخلاف فعلا
¥