[حول حكم المرتد؟]
ـ[أبو زيد المغربي]ــــــــ[08 - 11 - 06, 12:24 ص]ـ
السلام عليكم و رحمة الله،
قرأت مقالا لصاحب المنار الشيخ محمد رضا - عليه رحمة الله - و هو عبارة عن جواب على سؤال حول حكم المرتد، جاء فيه:
" ذكرت هذه المسالة في مواضع من المنار كالتفسير والفتاوى، فنقول فيها هنا قولاً نلخص به ما تقدم نشره. فنقول:
أولاً إنه ليس في القرآن أمرٌ بقتل المرتد، بل فيه ما يدل على عدم قتل المرتدين المسالمين الذين لا يحاربون المسلمين، ولا يخرجون عن طاعة الحكومة، فقد جاء في تفسيرنا لقوله تعالى:] فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً [(النساء: 90) من سورة النساء ما نصه:
(وفي الآية من الأحكام - على قول مَن قالوا إنهم كانوا مسلمين أو مُظهرين للإسلام، ثم ارتدوا - أن المرتدين لا يُقتلون إذا كانوا مسالمين لا يقاتلون، ولا يوجد في القرآن نصٌّ بقتل المرتد، فيجعل ناسخًا لقوله:] فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ ... [(النساء: 90) إلخ.
نعم ثبت في الحديث الصحيح الأمر بقتل مَن بدل دينه، وعليه الجمهور، وفي نسخ القرآن بالسنة الخلاف المشهور، ويؤيد الحديث عمل الصحابة، وقد يقال إن قتالهم للمرتدين في أول خلافة أبي بكر كان بالاجتهاد، فإنهم قاتلوا مَن تركوا الدين بالمرة كطَيِّئ وأسد، وقاتلوا مَن منع الزكاة من تميم وهوازن؛ لأن الذين ارتدوا صاروا إلى عادة الجاهلية حربًا لكل أحدٍ لم يعاهدوه على ترك الحرب، والذين منعوا الزكاة كانوا مفرقين لجماعة الإسلام ناثرين لنظامهم، والرجل الواحد إذا ترك الزكاة لا يُقتل عند الجمهور) اهـ. والتحقيق أن القرآن لا يُنسخ بالسنة كما قال الشافعي ومَن تبعه، وخالفهم الكثيرون في السنة المتواترة.
ويؤيد الحكم في هؤلاء الحكم فيمن ذُكروا في الآية التالية لهذه الآية، وهي:
] سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوَهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُوْلائِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً [(النساء: 91).
روى ابن جرير عن مجاهد أن هؤلاء الناس كانوا يأتون النبي - صلى الله عليه وسلم - فيُسلمون رياءً، فيرجعون إلى قريشٍ، فيرتكسون في الأوثان، يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا، فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا، ويصلحوا.
ورُوي عن ابن عباس أنه قال: (كلما أرادوا أن يخرجوا من فتنةٍ أركسوا فيها؛ وذلك أن الرجل منهم كان يوجد قد تكلم بالإسلام، فيقرب إلى العود، والحجر، وإلى العقرب، والخنفساء، فيقول له المشركون قل: هذا ربي للخنفساء والعقرب) وقد جعل حكمهم حكم مَن سبقهم، وهو أنهم إذا لزموا الحياد - وهو ما عبر عنه باعتزال المسلمين، وإلقاء السلم، وكف الأيدي عن القتال - فلا سبيل إلى قتلهم، وإلا قُتلوا حيث ثُقفوا؛ لأنهم محاربون، لا لأنهم مرتدون فقط، وقال:] وَأُوْلائِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً [(النساء: 91) أي دون غيرهم من المسالمين والمحايدين.
ونقلنا في تفسيرها عن الرازي أنه عزا القول بعدم قتال هؤلاء إلى الأكثرين، ونظَّر له بآيات سورة الممتحنة وآية البقرة في أنه لا يُقاتَل إلا المقاتلون، وقلنا - والظاهر أنه يعني بمقابل الأكثرين مَن يقول إن في الآيات نسخًا - ولا يظهر فيها النسخ إلا بتكلُّفٍ، فما وجه الحرص على هذا التكلف؟.
وقد استفتينا في هذه المسألة قبل كتابة هذا التفسير بسنين، فتجد في فتاوى المجلد العاشر من المنار (ص 287، ج4، م10) من أحد علماء تونس منها السؤال عن حديث: (أُمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ... ) إلخ، ألا يعارض كوْن الإسلام قام بالدعوة لا بالسيف كما يعتقد الجهلاء؟، والسؤال عن حديث: (مَن بدل دينه فاقتلوه) ألا ينافي كوْن الإسلام لا يضطهد أحدًا لعقيدته؟!.
¥