تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الحج والعمرة: (2888)، وابن حبان في «صحيحه»: (3696)، وابن خزيمة في «صحيحه»: (3072)، وأحمد: (7307)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه)، ويظهر منه العموم لتركه صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم الاستفصال في وقت العمرة، و «تَرْكُ الاسْتِفْصَالِ فِي مَقَامِ الاِحْتِمَالِ يُنَزَّل مَنْزِلَةَ العُمُومِ فِي المَقَالِ». ويؤيّده أنّ عائشة رضي الله عنها اعتمرت مرّتين في شهر بأمر النبي صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: العمرة الأولى التي كانت مع الحَجَّة، والعمرة الثانية التي اعتمرتها من التنعيم. أمّا القول بأنّ الصحابة لم يعتمروا في عام مرتين فتكره الزيادة على فعلهم فَغَيْرُ مُسَلَّمٍ لِمَا رُوِيَ عن عليٍّ وابن عمر وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم خلافه، أمّا إلحاقُ العُمْرة بالحجّ فهو قياسٌ مع الفارق؛ لأنّ العمرة ليست مقيّدة بوقت تفوت به بخلاف الحجّ فمحدودٌ وقتُه يفوت بِفَوَاتِ وقته فَافْتَرَقَا. وقوله صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «العُمْرَةُ إِلَى العُمْرَةِ كَفَّارَةٌ لِمَا بَيْنَهُمَا وَالحَجُّ المَبْرُورُ لَيْسَ لَهُ جَزَاءٌ إِلاَّ الجَنَّة» ففيه تفريقٌ بين الحجّ والعمرة في التكرار، وتنبيهٌ على ذلك، إذ لو كانت العمرة كالحجِّ لا تفعل إلاّ مرّة لَسَوَّى بينهما ولم يُفرِّق» (3 - «زاد المعاد» لابن القيم: (2/ 100)).

وهذا إنما إذا تكرّرت العمرة مع تعدّد سفر المعتمر، أمّا في سفرة واحدة فعلى الصحيح في المسألة عدم مشروعية تعدّد العُمَر في سفرة واحدة قصد الخروج من مكة إلى التنعيم ليعتمر فيها قال ابن القيم: «ولم يكن صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم في عُمَرِهِ عُمْرَةٌ واحدةٌ خارجًا من مَكَّةَ كما يفعله كثير من الناس اليوم، وإنما كانت عُمَرُهُ كلُّها داخلاً إلى مكة، وقد أقام بعد الوحي بمكة ثلاث عشرة سنة لم يُنقل عنه أنه اعتمر خارجًا من مكَّةَ في تلك المدّة أصلاً، فالعمرة التي فعلها رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وآله وسَلَّم وشرعها فهي عمرةُ الداخل إلى مكة، لا عمرةُ من كان بها فيخرج إلى الحِلِّ لِيعتمرَ، ولم يفعل هذا على عهده أحدٌ قطُّ إلاّ عائشة وحدها من بين سائر من كان معه؛ لأنها كانت قد أهلَّت بالعُمرة فحاضت فأمرها فأدخلت الحجَّ على العمرة وصارت قارنة، وأخبرها أنّ طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة وقع عن حجّها وعمرتها، فوجدت في نفسها أن يَرجعَ صواحباتها بحجّ وعمرة مستقلين -فإنهنّ كنَّ متمتّعات ولَمْ يَحِضْنَ ولم يَقْرِنَّ- وترجعُ هي بعمرة في ضمن حجّتها فأمر أخاها أن يُعْمرها من التنعيم تطييبًا لقلبها، ولم يعتمر هو من التنعيم في تلك الحَجَّةِ ولا أحدٌ ممن كان معه» (4 - المصدر السابق: (2/ 94)).

هذا، ولا مانع من أن يعتمر بعد فراغه من مناسك الحجّ إذا كان عائدًا مثلاً من زيارته للمسجد النبوي أو خروجه إلى الميقات إن أراد أن يكرّر عمرته، وخاصة ممن لم يسعه الوقت في أداء عمرته، لما أخرجه البيهقي «أَنَّ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا كَانَتْ تَعْتَمِرُ فِي آخِرِ ذِي الحِجَّةِ مِنْ الجُحْفَةِ» (5 - أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى»: (8807)، عن سعيد بن المسيب رحمه الله. قال الألباني في «السلسلة الصحيحة» (6/ 258): «إسناده صحيح») أي: أنها كانت إذا حجّت تمكث إلى أن يهلّ المُحرَّم ثمّ تخرج إلى الجُحفةِ فتحرم منها بعمرة» (6 - «مجموع الفتاوى» لابن تيمية: (26/ 92)).

والعلمُ عند اللهِ تعالى، وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، وصَلَّى اللهُ على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانِه إلى يوم الدِّين، وسَلَّم تسليمًا.

الجزائر في: 14 صفر 1428ه

الموافق ل: 4 مارس 2007م

1 - أخرجه البخاري في «الإحصار وجزاء الصيد»، باب حج النساء: (1764)، ومسلم في «الحج»، باب فضل العمرة في رمضان: (3039)، وأبو داود في «المناسك»، باب في العمرة: (1990)، وابن خزيمة في «صحيحه»: (3077)، والحاكم في «المستدرك»: (1779)، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير