وخرجه الترمذي - أيضا - من رواية معمر، عن أبي الزناد، قال: أخبرني ابن جرهد، عن أبيه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر به وهو كاشف عن فخذه، فقال له: ((غط فخذك؛ فإنها من العورة)).
وقال: حديث حسن.
وفي إسناده اختلاف كثير على أبي الزناد، قد ذكره الدارقطني.
واختلف عليه في تسمية شيخه: فقيل: هو زرعة بن عبد الرحمان بن جرهد. وقيل: زرعة بن جرهد. وقيل: عبد الرحمان بن جرهد. وقيل: جرهد بن جرهد.
وخرجه الترمذي - أيضا - من رواية عبد الله بن محمد بن عقيل، عن عبد الله بن جرهد، عن أبيه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: ((الفخذ عورة)).
وقال: حسن غريب. انتهى.
وابن عقيل، مختلف في أمره، والأسانيد قبله لا تخلو من انقطاع.
وحديث محمد بن جحش: من رواية العلا بن عبد الرحمان، عن أبي كثير مولى محمد بن جحش، عن محمد بن جحش - ختن النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه مر بمعمر وهو بفناء المسجد، محتبيا كاشفا عن طرف فخذه، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ((خمر فخذك يا معمر؛ فإن الفخذ عورة)).
خرجه الإمام أحمد.
وأبو كثير هذا، لا يعرف إلا في هذا الإسناد.
وفي الباب - أيضا -: عن علي، من طريق ابن جريج، عن حبيب بن ثابت، عن عاصم بن ضمرة، عن علي، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تكشف فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت)).
خرجه أبو داود وابن ماجه.
وقال أبو داود: فيه نكارة.
وله علتان:
إحداهما: أن ابن جريج لم يسمعه من حبيب، ومن قال فيه: ((عن ابن جريج: أخبرني حبيب)) فقد وهم -: قال بن المديني.
وفي رواية أبي داود ((عن ابن جريج، قال: أخبرت عن حبيب))، وهو الصحيح.
قال ابن المديني: رايته في كتب ابن جريج: اخبرني إسماعيل بن مسلم، عن حبيب -: نقله عنه يعقوب بن شيبة.
ونقل ابن أبي حاتم الرازي عن أبيه، قال: لم يسمع ابن جريج هذا الحديث من حبيب، إنما من حديث عمرو بن خالد الواسطي، فأرى أن ابن جريج أخذه من الحسن بن ذكوان، عن عمرو بن خالد، عن حبيب.
العلة الثانية: أن حبيب بن أبي ثابت لم تثبت له رواية عن عاصم بالسماع منه -: قاله أبو حاتم الرازي والدارقطني.
وقال ابن المديني: لا تصح عندي روايته عنه.
وأما أحاديث الرخصة: فحديث أنس في حسر الإزار، قد أسنده في هذا الباب.
وحديث أبي موسى، قد خرجه البخاري في ((المناقب)) من ((كتابه)) هذا، ولفظه: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان قاعدا في مكان فيه ماء، قد انكشف عن ركبتيه - أو
ركبته -، فلما دخل عثمان غطاها.
وهذا إنما فيه أن الركبة ليست عورة، وليس فيه ذكر الفخذ.وخرجه -أيضا- من وجه آخر، عن أبي موسى، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دخل بئر أريس، وجلس على القف، وكشف عن ساقيه، ودلاهما في البئر.
وهذا لا دلالة فيه بحال.
وقد خرجه الطبراني من حديث الدراوردي، عن شريك بن أبي نمر، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - دلى رجليه في البئر، وكشف عن فخذيه، وذكر أن أبا بكر وعمر وعثمان جلسوا معه، وفعلوا كفعله، وكشفوا عن أفخاذهم.
وهذا الإسناد وهم، إنما رواه شريك، عن ابن المسيب، عن ابن موسى باللفظ الذكور قبله، كذلك هو مخرج في (الصحيحين) من رواية شريك.
وحديث زيد ابن ثابت: قد خرجه البخاري في ((التفسير)) بتمامه، وفيه دليل على أنه يجوز مس فخذ غيره من وراء حائل، ولو كان عورة لم يجز مسه من وراء حائل ولا غيره كالفرجين، وقد خرج أبو داود حديث زيد بن ثابت من طريق آخر، بسياق مخالف لسياق البخاري، وفيه: أن زيد قال: كنت أكتب إلى جنب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فغشيته السكينة، فوقعت فخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على فخذي، فما وجدت ثقل شئ أثقل من فخذ رسول الله ـ وذكر الحديث.
وهذه الرواية تدل على أن ذلك لم يكن عن اختيار من النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما كان في حال غشيه عند نزول الوحي عليه.
وقد خرج البخاري في هذا الباب.
¥