النبي صلى الله عليه وسلم في اليافوخ , فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بني بياضة , أنكحوا أبا هند , وأنكحوا إليه}. رواه أبو داود , إلا أن أحمد ضعفه , وأنكره إنكارا شديدا. والصحيح أنها غير مشترطة , وما روي فيها يدل على اعتبارها في الجملة , ولا يلزم منه اشتراطها ; وذلك لأن للزوجة ولكل واحد من الأولياء فيها حقا , ومن لم يرض منهم فله الفسخ ولذلك لما زوج رجل ابنته من ابن أخيه , ليرفع بها خسيسته , جعل لها النبي صلى الله عليه وسلم الخيار , فأجازت ما صنع أبوها. ولو فقد الشرط لم يكن لها خيار. فإذا قلنا باشتراطها , فإنما يعتبر وجودها حال العقد , فإن عدمت بعده , لم يبطل النكاح ; لأن شروط النكاح إنما تعتبر لدى العقد. وإن كانت معدومة حال العقد , فالنكاح فاسد , حكمه حكم العقود الفاسدة , على ما مضى. فإن قلنا: ليست شرطا. فرضيت المرأة والأولياء كلهم , صح النكاح , وإن لم يرض بعضهم , فهل يقع العقد باطلا من أصله أو صحيحا؟ فيه روايتان عن أحمد وقولان للشافعي أحدهما , هو باطل ; لأن الكفاءة حق لجميعهم , والعاقد متصرف فيها بغير رضاهم , فلم يصح , كتصرف الفضولي. والثانية , هو صحيح ; بدليل أن المرأة التي رفعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن أباها زوجها من غير كفئها خيرها , ولم يبطل النكاح من أصله. ولأن العقد وقع بالإذن , والنقص الموجود فيه لا يمنع صحته , وإنما يثبت الخيار , كالعيب من العنة وغيرها. فعلى هذه الرواية لمن لم يرض الفسخ. وبهذا قال الشافعي ومالك وقال أبو حنيفة إذا رضيت المرأة وبعض الأولياء , لم يكن لباقي الأولياء فسخ ; لأن هذا الحق لا يتجزأ , وقد أسقط بعض الشركاء حقه , فسقط جميعه , كالقصاص. ولنا , أن كل واحد من الأولياء يعتبر رضاه , فلم يسقط برضا غيره , كالمرأة مع الولي فأما القصاص فلا يثبت لكل واحد كاملا , فإذا سقط بعضه , تعذر استيفاؤه , وهاهنا بخلافه , ولأنه لو زوجها بدون مهر مثلها , ملك الباقون عندهم الاعتراض , مع أنه خالص حقها , فهاهنا مع أنه حق لهم أولى. وسواء كانوا متساوين في الدرجة , أو متفاوتين , فزوج الأقرب , مثل أن يزوج الأب بغير كفء , فإن للإخوة الفسخ. وقال مالك والشافعي ليس لهم فسخ إذا زوج الأقرب ; لأنه لا حق للأبعد معه , فرضاؤه لا يعتبر. ولنا , أنه ولي في حال يلحقه العار بفقد الكفاءة , فملك الفسخ كالمتساويين.
قال الزيلعي في نصب الراية
فصل في الكفاءة الحديث الخامس: قال عليه السلام: " {ألا لا تزوج النساء إلا الأولياء , ولا يزوجن إلا من الأكفاء} " ; قلت: أخرجه الدارقطني , ثم البيهقي في " سننيهما " عن مبشر بن عبيد حدثني الحجاج بن أرطاة عن عطاء , وعمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله , قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " {لا تنكحوا النساء إلا الأكفاء , ولا يزوجهن إلا الأولياء , ولا مهر دون عشرة دراهم} انتهى. قال الدارقطني: مبشر بن عبيد متروك الحديث , أحاديثه لا يتابع عليها , انتهى. وأسند البيهقي في " المعرفة " عن أحمد بن حنبل أنه قال: أحاديث مبشر بن عبيد موضوعة كذب انتهى. قال ابن القطان في " كتابه ": وهو كما قال , لكن بقي عليه الحجاج بن أرطاة , وهو ضعيف , ويدلس , على الضعفاء انتهى. قلت: رواه أبو يعلى الموصلي في " مسنده " عن مبشر بن عبيد عن أبي الزبير عن جابر , فذكره ; وعن أبي يعلى رواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " , وقال: مبشر بن عبيد يروي عن الثقات الموضوعات , لا يحل كتب حديثه إلا على جهة التعجب , انتهى. ورواه ابن عدي , والعقيلي في " كتابيهما " وأعلاه بمبشر بن عبيد , وأسند العقيلي عن الإمام أحمد أنه وصفه بالوضع والكذب , انتهى. وقال البيهقي: هذا حديث ضعيف بمرة , وفي اعتبار الأكفاء أحاديث لا تقوم بأكثرها الحجة , وأمثلها حديث علي: {ثلاثة لا تؤخرها , وفيه والأيم إذا وجدت كفؤا} انتهى. قلت: هذا الحديث رواه الترمذي في " الصلاة في الجنائز " حدثنا قتيبة ثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني عن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالب عن أبيه عن علي بن أبي طالب {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: يا علي , ثلاث لا تؤخرها: الصلاة إذا آنت , والجنازة إذا حضرت , والأيم إذا وجدت لها كفئا} انتهى. قال
¥