دون أوليائها , كعتقها تحت عبد ; ولأن حق الأولياء في ابتداء العقد لا في استدامته
الحق في الكفاءة: 5 - ذهب الفقهاء إلى أن الكفاءة حق للمرأة وللأولياء ; لأن لها الحق في أن تصون نفسها عن ذل الاستفراش لمن لا يساويها في خصال الكفاءة , فكان لها حق في الكفاءة أما الأولياء فإنهم يتفاخرون بعلو نسب الختن , ويتعيرون بدناءة نسبه , فيتضررون بذلك , فكان لهم أن يدفعوا الضرر عن أنفسهم بالاعتراض على نكاح من لا تتوافر فيه خصال الكفاءة فاقتضى ذلك تقرير الحق لهم في الكفاءة. وللفقهاء فيما وراء ذلك تفصيل: قال الشافعية: الكفاءة حق للمرأة والولي واحدا كان أو جماعة مستوين في درجة , فلا بد مع رضاها بغير الكفء من رضا الأولياء به , لا رضا أحدهم , فإن رضا أحدهم لا يكفي عن رضا الباقين ; لأن لهم حقا في الكفاءة فاعتبر رضاهم بتركها كالمرأة , فإن تفاوت الأولياء , فللولي الأقرب أن يزوجها بغير الكفء برضاها , وليس للولي الأبعد الاعتراض , فلو كان الذي يلي أمرها السلطان , فهل له تزويجها بغير الكفء إذا طلبته؟ قال النووي: قولان أو وجهان أصحهما المنع , لأنه كالنائب , فلا يترك الحظ. وقال الحنابلة: الكفاءة حق للمرأة والأولياء كلهم , القريب والبعيد , حتى من يحدث منهم بعد العقد ; لتساويهم في لحوق العار بفقد الكفاءة.
خصال الكفاءة: 6 - الكفاءة معتبرة في النكاح لدفع العار والضرار , وخصالها أي الصفات المعتبرة فيها ليعتبر في الزوج مثلها في الجملة , هي: الدين , والنسب وقد يعبر عنه بالحسب , والحرفة , والحرية , والمال , والتنقي من العيوب المثبتة للخيار , لكن الفقهاء لم يتفقوا على اعتبارها كلها كاملة , بل كان لهم فيها تفصيل وخلاف: أ - (الدين): 7 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من خصال الكفاءة الدين , أي المماثلة والمقاربة بين الزوجين في التدين بشرائع الإسلام , لا في مجرد أصل الإسلام , ولهم فيما وراء ذلك تفصيل: فقال أبو حنيفة وأبو يوسف: لو أن امرأة من بنات الصالحين زوجت نفسها من فاسق , كان للأولياء حق الاعتراض ; لأن التفاخر بالدين أحق من التفاخر بالنسب والحرية والمال , والتعيير بالفسق أشد وجوه التعيير وقال محمد: لا تعتبر الكفاءة في الدين ; لأن هذا من أمور الآخرة , والكفاءة من أحكام الدنيا , فلا يقدح فيها الفسق إلا إذا كان شيئا فاحشا , بأن كان الفاسق ممن يسخر منه ويضحك عليه ويصفع , فإن كان ممن يهاب منه , بأن كان أميرا قتالا فإنه يكون كفئا لأن هذا الفسق لا يعد شيئا في العادة , فلا يقدح في الكفاءة. وعن أبي يوسف أن الفاسق إن كان معلنا لا يكون كفئا وإن كان مستترا يكون كفئا. وقال المالكية: المراد بالدين الإسلام مع السلامة من الفسق , ولا تشترط المساواة في الصلاح , فإن فقد الدين وكان الزوج فاسقا فليس بكفء. وقال الشافعية: من خصال الكفاءة الدين والصلاح والكف عما لا يحل , والفاسق ليس بكفء للعفيفة , وغير الفاسق - عدلا كان أو مستورا - كفء لها , ولا تعتبر الشهرة بالصلاح , فغير المشهور بالصلاح كفء للمشهورة به , والفاسق كفء للفاسقة مطلقا إلا إن زاد فسقه أو اختلف نوعه كما بحثه الإسنوي , والمبتدع ليس بكفء للعفيفة أو السنية. وقال الحنابلة: الدين مما يعتبر في الكفاءة , فلا تزوج عفيفة عن الزنا بفاجر , أي بفاسق بقول أو فعل أو اعتقاد , قال أحمد في رواية أبي بكر: لا يزوج ابنته من حروري قد مرق من الدين , ولا من الرافضي ولا من القدري , فإن كان لا يدعو فلا بأس , ولا تزوج امرأة عدل بفاسق كشارب خمر , لأنه ليس بكفء , سكر منها أو لم يسكر , وكذلك من سكر من خمر أو غيرها من المسكر ليس بكفء , قال إسحاق إذا زوج كريمته من فاسق فقد قطع رحمه.
¥