الصلاح وفاقا , والصلاح إن اعتبرناه يقابل بكل خصلة , والأمة العربية بالحر العجمي على هذا الخلاف. وذكر ابن عابدين: أنه لو كان الزوج ذا جاه كالسلطان والعالم ولم يملك إلا النفقة , قيل: يكون كفئا لأن الخلل ينجبر به , ومن ثم قالوا: الفقيه العجمي كفء للعربي الجاهل , وقال: والذي يظهر لي أن شرف النسب أو العلم يجبر نقص الحرفة , بل يفوق سائر الحرف.
تخلف ما لم ينص عليه في خصال الكفاءة: 14 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الصفات التي لا تعتبر في خصال الكفاءة التي سبق بيانها لا تؤثر في الكفاءة , كالكرم وعكسه , واختلاف البلد , ونحو ذلك , قالوا: لأنه ليس بشيء , وقد خالف بعضهم في اعتبار ذلك كما يلي: أ - كفاءة الدميم للجميلة: 15 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أن الجمال ليس من الخصال المعتبرة في الكفاءة للنكاح , لكن الروياني من الشافعية اعتبره من تلك الخصال , ومع موافقة الحنفية لجمهور الفقهاء فإنهم قالوا: لكن النصيحة أن يراعي الأولياء المجانسة في الحسن والجمال.
ب - كفاءة ولد الزنا لذات النسب: 16 - نص الحنابلة على هذه المسألة واختلف قولهم فيها فنقل البهوتي أنه قد قيل إنه كفء لذات نسب , وقال ابن قدامة: يحتمل ألا يكون كفئا لذات نسب , ونقل البهوتي وابن قدامة عن أحمد أنه ذكر له أن ولد الزنا ينكح وينكح إليه فكأنه لم يحب ذلك ; لأن المرأة تعير به هي ووليها , ويتعدى ذلك إلى ولدها , وأما كونه ليس بكفء لعربية فلا إشكال فيه , لأنه أدنى حالا من الموالي.
ج - كفاءة الجاهل للعالمة: 17 - ذكر الشافعية هذه المسألة , واختلفوا فيها , فصحح في زيادة الروضة كون الرجل الجاهل كفئا للعالمة , ورجح الروياني أنه غير كفء لها , واختاره السبكي , واحتج بأنهم يعتبرون العلم في الأب , فاعتباره في المرأة نفسها أولى , قال الشربيني الخطيب بعد أن نقل ما سبق: وهذا متعين.
د - كفاءة القصير لغير القصيرة: 18 - ذهب الشافعية إلى أن الطول أو القصر لا يعتبر أي منهما في الكفاءة للنكاح ; لأنه ليس بشيء , وهو فتح لباب واسع , وقال الأذرعي: فيما إذا أفرط القصر في الرجل نظر , وينبغي ألا يجوز للأب تزويج ابنته بمن هو كذلك , فإنه ممن تتعير به المرأة.
هـ - كفاءة الشيخ للشابة: 19 - ذهب الشافعية إلى أن الشيخ كفء للشابة , لكن الروياني ذكر أن الشيخ لا يكون كفئا للشابة على الأصح , قال النووي: الصحيح خلاف ما قاله الروياني , وقال الرملي: هو ضعيف لكن ينبغي مراعاته.
و - كفاءة المحجور عليه بسفه للرشيدة: 20 - ذهب الشافعية إلى أن المحجور عليه بسفه كفء للرشيدة , وقال الزركشي: فيه نظر ; لأنها تتعير غالبا بالحجر على الزوج , وقال الأنصاري: الأوجه أنه غير كفء.
ما يترتب على تخلف الكفاءة: 21 - إذا تخلفت الكفاءة عند من يشترطونها لصحة النكاح فإنه يكون باطلا أو فاسدا , أما من لا يعتبرونها لصحة النكاح , ويرونها حقا للمرأة والأولياء فإن تخلف الكفاءة لا يبطل النكاح عندهم في الجملة , بل يجعله عرضة للفسخ. وللفقهاء وراء ذلك تفصيل: قال الحنفية - على ظاهر الرواية - إذا تزوجت المرأة غير كفء فللولي أن يفرق بينهما دفعا للعار ما لم يجئ منه دلالة الرضا , والتفريق إلى القاضي ; لأنه مجتهد فيه , وكل من الخصمين يتشبث بدليل , فلا ينقطع النزاع إلا بفصل القاضي , وما لم يفرق فأحكام النكاح ثابتة , يتوارثان به إذا مات أحدهما قبل القضاء , ولا يكون الفسخ طلاقا ; لأن الطلاق تصرف في النكاح وهذا فسخ لأصل النكاح ; ولأن الفسخ إنما يكون طلاقا إذا فعله القاضي نيابة عن الزوج , وهذا ليس كذلك , ولهذا لا يجب لها شيء من المهر إن كان قبل الدخول , وإن دخل بها فلها المسمى , وعليها العدة ولها نفقة العدة للدخول في عقد صحيح , والخلوة الصحيحة عندهم في هذا كالدخول. وقالوا: إن قبض الولي المهر أو جهز به أو طالب بالنفقة فقد رضي , لأن ذلك تقرير للنكاح وأنه يكون رضا , كما إذا زوجها فمكنت الزوج من نفسها , وإن سكت لا يكون قد رضي وإن طالت المدة , ما لم تلد , فليس له حينئذ التفريق ; لأن السكوت عن الحق المتأكد لا يبطله , لاحتمال تأخره إلى وقت يختار فيه الخصومة , وعن شيخ الإسلام أن له التفريق بعد الولادة أيضا. وإن رضي أحد الأولياء فليس لغيره ممن هو في درجته أو أسفل منه
¥